الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية توزيع الأرباح والخسائر عند التفاوت في رأس المال بين الشركاء

السؤال

المقدمة: رجلان يريدان الدخول في شراكة وهما عمر، وتعريفه أنه رجل تاجر يعمل في تجارة مختلطة من عدة أصناف، وصاحب رأس المال الأكبر، وصاحب أصول كالمحل التجاري والوسائل المساعدة على البيع والترويج، كالسيارات للنقل كما يوظف العمال والفنيين، يضاف لذلك لديه خبرة واسعة ودقيقة بالسوق ومكتسبة، وخلفيته الشرعية عادية، ولكنه عالم بالقواعد الشرعية العامة.
أما الشريك الآخر فهو (زيد): وهو مساهم فقط بالمال، ولا يملك خبرة في السوق ويعتمد في الإدارة بالكامل على عمر.
الأسئلة:
- أولا: الرجلان قاما بالبدء في تجارة بحيث يشتريان بضاعة محددة (صنف محدد، سيارات مثلا) ويقتسمان الربح بالنسبة والتناسب، فمثلا إذا كان سعر البضاعة 150 ألف ريال ودفع أحدهما (عمر) مساهمة بمبلغ 100 ألف ريال، ودفع الآخر (زيد) مساهمة بمبلغ 50 ألف ريال، فيتم تقسيم الربح بأن تكون أرباح (عمر) صاحب المساهمة الأكبر بمبلغ 100 ألف هي الضعف ويكون نسبة أرباح (زيد) هي الأقل، فمثلا إذا كانت الأرباح 150 ألف ريال يأخذ عمر 100 ألف أرباح ويأخذ زيد 50 ألفا فلا تكون الأرباح مناصفة بسبب تفاوت المساهمة في رأس المال، فما هو تكييف هذه المعاملة، وهل يجوز مثلا أن يأخذ الذي يدير العمل (عمر) نسبة أكبر من الربح بالتراضي وما هي النسبة المعقولة لإدراة العمل التجاري في البضائع أم هي بالتراضي فقط؟ علما أن الخسائر تقاس بنفس الطريقة.
- ثانيا: رجل يعمل في التجارة وله محل تجاري وأصول وبضائع متعددة الأصناف (عمر)، وأراد أن يدخل معه شريك لزيادة رأس المال ليدفع الشريك الجديد (زيد) مبلغ 100,000 ريال مثلا للدخول معه كشريك لمدة سنة، ويعرض صاحب المحل (عمر) على الشريك الجديد (زيد) أن يعطيه الأرباح على شكل مبلغ شهري تقديري يتراوح ما بين 2000 إلى 3000 ريال حسب تقدير صاحب المحل (عمر)، ويتعلل أنه من المستحيل نسبة لاختلاط رأس المال وتعدد الأصناف أن يحدد الربح بصورة دقيقة، ولكنه يستطيع بصور تقريبية تحديد الأرباح بناء على خبرته في السوق وما يتحصل عليه شهريا من إيرادات، وبناء عليه يعطي المبلغ الشهري التقديري كإعطاء مبلغ 2000 ريال مثلا، كما أنه سيلتزم بالمبلغ من واقع خبرته وإدارته للعمل التجاري، ولكن إذا زادت الأرباح ولو بصورة كبيرة عن المعتاد فإنه لن يزيد عن المبلغ المتوسط الذي تم التفاهم عليه، وإنما قد يرفع متوسط الربح للحد الأقصى وهو مبلغ 3000 ريال بناء على تقديره العام وخبرته، فهل تجوز هذه المعاملة أم بها شبهة ربا؟ كونه رغم تحديد متوسط الأرباح إلا أنها قد تكون ضمنيا ذات النسبة المئوية للربا؟, علما أنه في حالة الربا الصريح يتم تحديد نسبة ثابتة، علما أن تقدير الخسائر تكون بذات الكيفية بأن يتم تحدبد متوسطات مبلغ أقل بناء على التقديرات العامة، فلا يوجد تفاهم على تجنب الخسائر، فهل تجوز هذه المعاملة بتحديد متوسطات للربح والخسارة بناء على الخبرة في السوق؟
ولكن على شكل بضائع يتم شراؤها بالمبلغ ويتم جدولة سداد رأس المال زائد الأرباح لمدة سنة كأنه بيع لأجل بحيث يتم الاتفاق نظريا وبناء على الخبرة ومعطيات السوق بأن مبلغ 150,000 ريال سيتم به شراء بضائع متعددة للمحل وأن الأرباح التقديرية هي مبلغ 30,000 ريال مثلا يتم جدولتها شهريا مع إرجاع رأس المال بالأقساط الشهرية لمدة عام، أي أن مبلغ 180,000 ريال لرأس المال المساهم والأرباح التقديرية سيدفع مع الأرباح على شكل أقساط شهرية تقديرية 15000 ريال شهريا، وسيتم التعامل مع عدم وجود أرباح أو وجود الخسائر بذات الكيفية أي تقديرات صاحب رأس المال الأكبر (عمر) وبذات الحجة وهي اختلاط البضائع وسرعة تصريف بعضها وكساد أو تأخر تصريف بعضها الآخر مما يؤدي لمشقة وصعوبة كبيرة في عملية الحساب والجرد بصورة شهرية.
خيار ثان للموضوع أعلاه أن يتم فقط دفع الأرباح التقديرية بناء على الخبرة شهريا وعلى شكل أقساط (30,000 ريال) بقسط شهري تقريبي قدره (2500 ريال) ويظل رأس المال مربوطا لمدة سنة كون صاحب المحل (عمر) لا يريد الشراء لكل البضائع مرة واحدة وإنما حسب طلب السوق، فقد يكون صنفا مرغوبا أكثر من صنف ويتم تصريفه بسرعة مما يعطى مرونة، كما أنه لا يريد إرجاع رأس المال إلا في نهاية السنة، فإما أن يتم التجديد بذات الكيفية وإما أن يتم إرجاع رأس المال كاملا إذا لم يرغب الشريك في التمديد، ولكن يكون قد ضمن أرباحه شهريا، علما أن الخسائر يتم تقديرها بذات الكيفية بناء على خبرة (عمر) في السوق ومجمل الأحوال لكافة رأس المال.
فهل تجوز هاتين المعاملتين بالخيارين أعلاه، وخاصة الخيار الثاني والذي يعد أكثر واقعية على قياس ما تمارسه البنوك بشأن الودائع وحسابات التوفير للعملاء حيث تكون أيضا المضاربات في سلع متعدد من أسهم وغيرها، حيث يرى المتعاملون مع البنوك عادة بربط ودائعهم أو حسابات التوفير أن الأرباح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك جزئيات مختلفة، والمنهج لدينا أن نجيب على سؤال واحد عند تعدد الأسئلة، وبالتالي فسنجيبك عن سؤالك الأول، ويمكنك إرسال بقية الجزئيات كل سؤال على حدة.

فنقول وبالله التوفيق: إنه لاحرج في اشتراك اثنين بمالهما وبدن أحدهما قال الخرقي ذاكراً أنواع الشركات الجائزة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. انتهى.
وأما الربح في مثل هذه الشركة فانظر فيه الفتوى رقم: 187631.

وأما لو حصلت خسارة دون تعد أو تفريط، فإنها تكون بحسب رأس المال؛ فالمشارك بثلثي رأس المال يتحمل ثلثي الخسارة، والمشارك بثلث يتحمل ثلثها وهكذا، جاء في المغني لابن قدامة: (والوضيعة على قدر المال) يعني الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله، فإن كان مالهما متساوياً في القدر، فالخسران بينهما نصفان، وإن كان أثلاثا فالوضيعة أثلاث، لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وغيرهما. انتهى.

وجاء في المدونة: قال مالك: الوضيعة على قدر رؤوس أموالهما.

وجاء في نصب الراية للزيلعي: والوضيعة على قدر المالين. انتهى.

وأما بقية جزئيات المسألة فيمكنك إرسالها على أن تتضمن الرسالة سؤالا واحدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني