الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رد الهبة التي اختص بها الأب بعض الأبناء إلى التركة بعد وفاته

السؤال

لقد ذكرتم في فتوى رقم: 21597 "فإن كان الرجل قد توفي بعد أن وهب بعض أبنائه فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الأولاد المفضلين أن يرجعوا ما فضلوا به ويقتسموه مع بقية إخوانهم قسمة الميراث الشرعية" وأيضا ذكر فيها "قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يجوز للولد الذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يرد ذلك في حياة الظالم الجائر وبعد موته، كما يرد في حياته في أصح قولي العلماء"
ولكن كيف يعرف الابن أو الابنة أنه لم تكن هناك تسوية في الهبة بين الأولاد؟ لأنه في مواقف كثيرة أعطى الوالد العطية للأولاد في مواقف مختلفة، وأيضا عندما كانوا يحتاجون لذلك، ولا يعرف الابن أو الابنة عن تسوية الوالد في الهبة مثلا ربما أعطى في مرة أحدا من أولاده دون الآخرين، وفي مرة أخرى أعطى أحدا منهم دون الأول وهكذا؛ لهذا لا يمكن أن يعرف إذا ساوى الوالد بين أولاده أو لم يفعل، لذا هل يجب على الابن أو الابنة فعل شيء لهذا الأمر؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبه ـ أولا ـ إلى أن مسألة وجوب رد الهبة الجائرة بعد موت الأب فيها خلاف مشهور بين أهل العلم، وجمهورهم على أنه بعد موت الأب تمضي تلك الهبة إذا كانت قد حيزت في حياة الواهب وتختص بمن وهبت له، ولا يجب عليه أن يردها للتركة، وإنما يستحب له ذلك، وانظر الفتوى رقم: 161261.

أما عن كيفية معرفة عدم عدل الوالد في الهبة، فإن ذلك أمر معلوم في الغالب، حيث إن الولد إذا أعطاه أبوه شيئا ولم يعطه لبقية إخوته علم بداهة أنه فضله عليهم في الهبة، واختصه بذلك الشيء، أما إن كان يعطي هذا مرة ويعطي ذاك مرة في أوقات مختلفة فلا تسمى عطيته جورا؛ لأنه أعطى مثلها للبقية.

وكذا إذا كان أعطى بعضهم وحرم الباقين أو أعطاهم أقل لمسوغ شرعي فلا تعتبر عطيته جائرة، قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك؛ لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف : لا بأس به إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه. اهـ

ونود التنبيه إلى أن الصرف على الأولاد لا تجب التسوية فيه، بل يكون حسب احتياجاتهم المختلفة

والعدل بينهم في ذلك يحصل بسد حاجتهم جميعا على السواء، وكل حسب حاجته الطبيعية أو الشرعية، ولا يضر تفاوت حاجاتهم، فإن هذا من المسوغ الجائز شرعا والمقبول طبعا، وانظري الفتوى رقم: 294721.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني