الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ الولد من مال أبيه بغير علمه.. أحوال الجواز والمنع، وكيفية إرجاعه

السؤال

أمس أرسلت سؤالًا وأجبتموني بأرقام فتاوى قريبة من موضوع سؤالي، ودخلت عليها وقرأتها ولم أجد إجابة لي، أرجوكم أنا بحاجة إلى الإجابة فورًا وحالًا، السؤال الذي أرسلته برقم: 259067 أتمنى أن أحصل على الجواب هنا، وسأعيد كتابة السؤال الآن، السؤال هو: أنا شخص في مرحلة المتوسط، أطلب من أبي مبلغًا من المال لشراء شيء معين وأنا أعلم كم ثمن هذا الشيء، وآخذ أكثر من ثمنه، ولكن أنا أطلب من أبي المال ولا أحدد مبلغًا، فقط أقول: "إني بحاجة للمال لشراء هذا الشيء" وهو يقول: "إن المال بجيبي" وأنا أذهب وآخذ. علمًا أن حالة أبي جيدة وهو ليس بخيلًا، لكنه يرفض إعطائي المبلغ الذي أريده، كنت أطلب المال تقريبًا كل أسبوع، وشككت أن الأمر حرام، وذهبت للاستفسار وفقدت الأمل عندما أعطيتموني رقم فتاوى ولم تجيبوا على سؤالي، وأنا كل ساعة أدخل ولا يمكنني الإرسال، وفرحت الآن عندما تمكنت من الإرسال لكم، لكن أنا فكرت وقلت: "لو وجب عليّ إرجاع المال لأبي فماذا أفعل؟" فقلت: "أنا أذهب له وأقول له: إني أريد مالًا لأشتري به. وآخذ المبلغ وأرجعه له وأعتبر أن هذا الذي أخذته من أبي وأرجعه له" فما رأيكم؟ ولو كان هذا لا يجوز فماذا أفعل؟ أنا لا أستطيع إرجاع المبلغ لأبي إلا بهذه الطريقة لأني صغير ولا أملك مالًا ولا عمل ولا شيء، ومصدر رزقي من أبي ولا أستطيع أن أقول له خوفًا من أن تقع مشكلة كبيرة.
وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للابن أن يأخذ من مال أبيه إلا بإذنه؛ فإن ذلك يعد من السرقة والاعتداء على مال الغير، إلا إذا كان الأب لا يعطي الابن النفقة الواجبة مع قدرته على ذلك وعجز الابن عن الإنفاق على نفسه، فللابن حينئذ أن يأخذ من مال أبيه ما يكفيه بالمعروف، ودليل ذلك حديث هند بنت عتبة عندما جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.

وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 31157.

وحيث إن أباك -كما يظهر- ليس مقصرًا معك في حق النفقة الواجبة فليس لك أن تأخذ من ماله إلا ما أذن لك فيه، وإذا أذن لك في شراء شيء معين فليس لك أن تأخذ أكثر من ثمنه وتدخر الباقي لنفسك، وحيث فعلت فإن المبلغ الزائد يعد دَينًا في ذمتك حتى ترجعه، فإما أن تستأذنه فيه وتطلب منه أن يسامحك به، وإما أن تقضيه له، وإذا أردت قضاءه فلا يصح أن تقضيه إلا بمال تملكه أنت ملكًا تامًّا، فلو أخبرته أنك تريد شراء شيء معين وأعطاك مبلغًا لشراء ذلك الشيء فإن هذا المبلغ لا يصح أن يصرف إلا في ما من أجله أعطي، وليس لك أن تقضي به الدين الذي له عليك؛ جاء في أسنى المطالب من كتب الشافعية في من وهب هبة واشترط صرفها في شيء معين: ولو أعطاه دراهم وقال: اشتر لك بها عمامة. أو: ادخل بها الحمام. أو نحو ذلك، تعينت لذلك، مراعاة لغرضه، هذا إن قصد ستر رأسه بالعمامة، وتنظيفه بدخوله الحمام، لما رأى به من كشف الرأس، وشعث البدن ووسخه. اهـ.

أما لو طلبت منه مالًا دون تحديد ما يصرف فيه، وأعطاك إياه فإنك تتملكه بمجرد حوزه، وحينئذ يكون لك أن تدفعه اليه عن دينك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني