الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أنجب طفلا من غير مسلمة وأخذته معها إلى بلاد الكفر

السؤال

ما هي عقوبة أو عواقب إنجاب طفل من امرأة غير مسلمة رحلت إلى بلدها ولا أستطيع إيجادها؟ وهل سأحاسب على كل عمل هذا الطفل في الدنيا؟ وما الحل حتى يغفر الله لي؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما نكاح غير المسلمة إن كانت كتابية فيباح بشروط بيناها في الفتويين رقم: 5315، ورقم: 198665، بخلاف غير الكتابية من الكافرات، فلا يجوز تزوجها بحال من الأحوال.

ومسؤولية المسلم عن ولده عظيمة، ولذلك نجد الفقهاء ـ مع قولهم بحل نكاح الكتابية ـ شددوا في نكاح المسلم في دار الحرب مثلا، مخافة أن يولد له ولد ويأخذه منه الكفار، قال ابن قدامة في المغني في النكاح في دار الحرب: وأما الذي يدخل إليهم بأمان، كالتاجر ونحوه، فهو الذي أراد الخرقي ـ إن شاء الله تعالى ـ فلا ينبغي له التزوج، لأنه لا يأمن أن تأتي امرأته بولد فيستولي عليه الكفار، وربما نشأ بينهم، فيصير على دينهم، فإن غلبت عليه الشهوة، أبيح له نكاح مسلمة، لأنها حال ضرورة، ويعزل عنها، كي لا تأتي بولد، ولا يتزوج منهم، لأن امرأته إذا كانت منهم، غلبته على ولدها، فيتبعها على دينها، وقال القاضي، في قول الخرقي: هذا نهي كراهة، لا نهي تحريم، لأن الله تعالى قال: وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم {النساء: 24} ولأن الأصل الحل، فلا يحرم بالشك والتوهم، وإنما كرهنا له التزوج منهم مخافة أن يغلبوا على ولده، فيسترقوه، ويعلموه الكفر، ففي تزويجه تعريض لهذا الفساد العظيم، وازدادت الكراهة إذا تزوج منهم، لأن الظاهر أن امرأته تغلبه على ولدها، فتكفره، كما أن حكم الإسلام تغليب الإسلام فيما إذا أسلم أحد الأبوين، أو تزوج المسلم ذمية. انتهى.

فيتضح مما ذكروه مراعاة هذا الأمر عند الإقدام على الزواج من كافرة وظروف وملابسات هذا الزواج، وها أنت رأيت كيف آل أمر ولدك منها، وكان الواجب أن تحتاط لذلك حتى لا تنقله إلى بلاد الكفر، فإن كنت قصرت في ذلك، فالواجب التوبة، ونرجو إذا تبت أن يغفر الله لك ولا يؤاخذك بالتبعات, فقد نص العلماء على أن من تاب من ذنب بعد أن تعاطى سببه، فقد أتى بما هو واجب عليه، وإن بقي أثره، كمن رجع عن بث بدعة بعد أن كثر أتباعه فيها، وإلى هذا أشار صاحب مراقي السعود بقوله:
من تاب بعد أن تعاطى السببا * فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع * عن بث بدعة عليها يتبع. انتهى
واجتهد وسعك وابذل ما باستطاعتك في رد هذا الولد إليك حتى ينشأ على الإسلام وبين المسلمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني