الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تريد الزواج من قريبها المتزوج، ووالداها يرفضان لفارق السن والعلم

السؤال

فضيلة الشيخ: أنا فتاة عمري 19سنة، أعيش في مصر، وأمي وأبي يقيمان في المملكة العربية السعودية، لكن خالاتي، وأعمامي معي في مصر.
أدرس في كلية الطب، وألبس الخمار، ولست منتقبة. لي ابن خالة يكبرني بـ 14 سنة، متزوج، ولديه بنتان، كنت متعلقة به منذ كنت طفلة، وكنت أعامله على أنه أخي الأكبر، لكنني اكتشفت أن مشاعره نحوي غير ذلك، وأنه يريدني زوجة.
في البداية رفضت الأمر مجملاً، ولكن بعد تأن، تأكدت أنني أبادله نفس الشعور، وهو على ما يقول ينتظرني منذ زمن، وحبه لي منذ سنوات عديدة، وأن زوجته على علم بأن امرأة أخرى في قلبه. أنا كنت أزورهم في البيت؛ لأني أحب زوجته، وبناته جدا. الجميع لاحظ وجود مشاعر بيننا، وعندما علمت زوجته، طلبت منه أن يختار بيني وبينها، وقد اختارني أنا. ونتيجة لذلك طلبت هي منه الطلاق، وهو يريد أن يطلقها؛ لأنه يخشى أن يظلمها ببقائها معه؛ لأنه لن يستطيع العدل بيني وبينها.
السؤال هنا: ما حكم طلاق زوجته هل هو آثم؟
وهل مشاعري أنا نحوه تعتبر خيانة لها؛ لأني أعتبرها صديقتي؟
وماذا أفعل أمام رفض والداي؛ حيث إن أمي عندما علمت، هددتني بأنها ستخبر والدي، ووالداه ليمنعا تلك المهزلة حسب قولها؛ لأنه أكبر مني بكثير؛ ولأن مستواه العلمي أقل، حيث إنني في كلية الطب، وهو خريج كلية آداب، علماً بأن حالته المادية جيدة جدا، وهو إنسان مثقف، وعلى علم بالدين، وأخلاقه حسنة؟
أنا أحبه جدا، وأريده زوجاً لي، لكن أخشى أن يصيبني غضب الله بسبب غضب والداي.
فماذا أفعل معهما؟ وإن رفضاه هل ذلك يعتبر عضلا، وتنتقل الولاية إلى من تحت أبي؟
وماذا أفعل إن رفض رجال العائلة تزويجي، خصوصاً أن أبي وأمي غير موجودين في مصر؟ وهل يحق لهم أن يمنعوني من الزواج بالإنسان الذي أريده؟ وما حكم منع أبي وأمي لي؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
ولا تنسوني من صالح دعائكم في هذا الشهر الكريم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالطلاق مباح، ولا سيما إن دعت إليه حاجة، ولكنه يكره لغير حاجة، وراجعي الفتوى رقم: 126358، فلا يكون هذا الرجل آثما إن طلق زوجته لكونها لا ترتضي أن يتزوج من أخرى.
والتعدد قد أباحه الشرع، ويشترط فيه أن يغلب على ظن من يريد المصير إليه، قدرته على العدل بين زوجاته؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا {النساء:3}.
ومشاعرك تجاهه، بل وزواجه منك -لو تم- ليس فيه خيانة لزوجته، وننبهك هنا إلى أن الحب قبل الزواج، له ضوابطه التي ينبغي مراعاتها، وهي موضحة في الفتوى رقم: 4220.
وإذا كان هذا الرجل -كما ذكرت- صاحب دين وخلق، فليس من حق والديك رفض تزويجه، والأولى حينئذ أن تحاولي إقناعهما، فإن اقتنعا، فالحمد لله. وإلا فمن حقك أن ترفعي الأمر إلى القضاء الشرعي، فإن ثبت عند القاضي عضل وليك لك، زوَّجك، أو وكل من يزوجك، فالسلطان ولي من لا ولي له. وراجعي الفتوى رقم: 67198، والفتوى رقم: 998.

هذا مع العلم بأن الفوارق العلمية والمادية ليست مانعا شرعا من الزواج من الكفء.
وننبه إلى أمرين:

الأول: أن الراجح في الكفاءة اعتبار الدين، وأما الفوارق المادية، أو العلمية، أو الاجتماعية فلا اعتبار لها شرعا، ولمزيد الفائدة يمكنك مطلعة الفتوى رقم: 2346.

الثاني: هنالك خلاف بين الفقهاء فيما إذا عضل الولي موليته: هل تنتقل الولاية إلى الولي الأبعد، أم إلى السلطان؟

والرجوع إلى السلطان في مثل هذه الأحوال أفضل، فإنه يستطيع التحقق من العضل، إضافة إلى أن حكمه ملزم، وقاطع للنزاع، فيكون سببا في الحيلولة دون حصول كثير من المفاسد، ويمكن مراجعة الخلاف في المسألة بالفتوى رقم: 32427

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني