الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قبول هدية شخص كان يسرق سابقًا ودفْع ثمنها صدقة

السؤال

أخي كان يعمل في السابق في شركة مواد غذائية، وكان مسؤولًا عن أحد مخازن تلك الشركة، وعن البضاعة الموجودة داخله، وكان يأخذ بعض البضائع الزائدة ويبيعها لصالحه، ويأخذ ثمنها دون علم أحد من الشركة، إلى أن اكتشف أمره، وطرد من الشركة، ودفع تعويضًا عما أخذ، وهو غير ملتزم دينيًا، ولا يصلي، وأكثر من مرة أخذ أشياء من المنزل دون علمنا، وقام ببيعها ـ أسأل الله له الهداية ـ وهو الآن يعمل أيضًا نفس العمل في شركة أخرى، ويأتي أحيانًا ببعض المنتجات الغذائية، ويعطيها لنا في المنزل، وعندما نسأله هل اشتريتها أم أخذتها؟ يحلف بأنه اشتراها من ماله، ويؤكد لنا كثيرًا بأنها حلال، وليست مسروقة، فماذا نفعل في تلك الحالة؟ وهل نأخذها، وننتفع بها إذا حلف لنا وأكّد على ذلك؟ أم نحتاط، ولا نأخذها نظرًا لعلمنا أنه كان يسرق من قبل، كما أننا نعلم أنه من الممكن أن يحلف كذبًا؟ وهل يمكن أن نأخذها، وندفع مبلغًا يناسبها صدقة، أو لأحد المساجد مثلًا بنية أننا دفعنا حقها من مالنا؟ وهل بهذه الطريقة تصبح حلالًا، ويجوز لنا تناولها، والانتفاع بها أم لا؟ وأيضًا هو يعطيني كل شهر مبلغًا من المال مصروفًا لي من مرتبه الشهري، وهذا مال حلال، فإذا كان يأخذ تلك البضائع، ويبيعها لصالحها، واختلط المال الحلال بالحرام، فهل المال الذي سوف يعطيني إياه يكون حرامًا أم حلالًا؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن تبين أن الأخ المذكور تاب مما كان يفعل من السرقة، ولم يعد يقوم به، فلا حرج في قبول ما يعطيكم من منتجات غذائية، ونحوها.

وإن كنتم تشكون في توبته منها، وأنه قد يكون ما زال على نفس الحال السابقة ـ كما هو الظاهر ـ فالورع عدم أخذ ما يعطيكم، لكن لا يحرم قبول هديته، إلا إذا علم أنها عين المال الحرام، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ما في الوجود من الأموال المغصوبة، والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالًا، أو خانه في أمانته، أو غصبه، فأخذه من المغصوب قهرًا بغير حق، لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض ... فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل .. لكن إن كان ذلك الرجل معروفًا ـ بأن في ماله حرامًا ـ ترك معاملته ورعًا، وإن كان أكثر ماله حرامًا ففيه نزاع بين العلماء. اهـ بتصرف.

وفي حال عدم جواز قبول هديته، وما يعطيكم، فليس لكم أن تأخذوها، وتدفعوا ثمنها صدقة، بل الواجب أن ترد لمالكها الحقيقي الذي سرقت منه، ولا يجوز قبولها، والانتفاع بها.

وأما المصروف الذي يعطيك من راتبه الحلال: فلا شيء عليك في قبوله، ولو كان في ماله بعض الحرام، وانظري الفتويين رقم: 133697، ورقم: 6880.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني