الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الهبة التي خص الأب بها بعض أبنائه في حياته وبعد موته

السؤال

أسأل الله الكريم أن يجعلني وإياكم من العتقاء من النار في هذا الشهر الكريم.
والدي - أطال الله في عمره - لديه بنت واحدة فقط من زوجته الثانية، وعمرها 5 سنوات، ووالدتي -أطال الله في عمرها- مطلقة، وأفرغ للبنت صك عمارة، وسجله في كتابة العدل باسمها. علمًا بأنه لا يملك سوى هذه العمارة، وقطعتين أرض خام واحدة تجارية 890م والثانية سكنية 450م. وعلمًا بأن جميع إخوتي وأخواتي غير راضين بذلك. فهل يجوز ذلك؟ وهل بعد وفاته تكون تلك العمارة من ضمن الإرث لباقي الورثة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب على الأب في حياته أن يعدل بين أبنائه في العطية، ولا يجوز له تفضيل بعضهم في عطية أو هبة، إلا أن يكون لذلك مسوغ شرعي معتبر، كحاجة المفضل إلى العطية دون غيره من إخوته؛ كسفره، أو طلبه للعلم، أو زواجه، ونحو ذلك مما يسوغ تخصيصه ببعض المال دون غيره -في قول بعض أهل العلم-؛ لأن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم؛ لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلًا وأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على ذلك، فقال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فلا تشهدني إذن؛ فإني لا أشهد على جور. وفي رواية لهما قال له أيضًا: "فأرجعه". وفي رواية لمسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرد أبي تلك الصدقة". وفي رواية عند أحمد: إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم.

وعلى هذا؛ فإن ما قام به الوالد من تخصيص بنته من زوجته الثانية بتلك العمارة وكتابتها باسمها على سبيل الهبة لا يجوز لما تقدم، وعليه أن يرجع في تلك الهبة، ويستردها من البنت أو يعطي مثلها لبقية أبنائه.

وإذا توفي قبل أن يفعل ذلك -وكانت الهبة صحيحة بأن قبضتها البنت بعد بلوغها، أو قُبضت لها في حياته بحوزها والتصرف فيها إن كانت صغيرة- فإنها تختص بها، ولا تدخل في الإرث -عند أكثر أهل العلم-، وانظر الفتوى رقم: 49539 حول حكم الحوز للصغير، وبم يتحقق.

أما لو توفي الوالد قبل أن تحصل الحيازة، وظل الأمر مقتصرًا على كتابة العمارة باسم البنت طيلة حياته: فإن هبته تلك تبطل بموته، وترد لتقسم مع باقي الإرث على جميع الورثة.

وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 161261، 122897، 122070، 112443، 162437.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني