الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة خلف إمام يلحن في الفاتحة

السؤال

أيها الاخوة الافاضل، أنا شاب هداني ربي -والحمد لله- إلى صلاة الجماعة في المسجد، وظللت حوالي عام أدور في المساجد في أنحاء المدينة لأصلي فيها بغير خوف أو قلق من بطلان الصلاة، وكنت بفضل الله يغلب على حالي الخشوع في كل الصلوات، لكن حينما أعلمتموني مشكورين أن صلاة من يبدل حرفًا بغيره من الفاتحة باطلة تغير الحال كثيرًا؛ لأن الواقع الذي نعيشه في مصر على الأقل -والله أعلم- هو أن أغلب المساجد بل ربما 95% منها بلا مبالغة أئمتهم يلحنون هذا اللحن في الفاتحة من تبديل الصاد بالسين أو تبديل الطاء بالتاء أو الضاد بالدال أو السين بالثاء أو يجمعون بين هذه الألحان بعضها أو جميعها، بل هذا كله بسيط، فهناك من يسقط حروفًا أو يزيد، بل ليس هناك مسجد تقريبًا إلا قليلًا يثبت على حال، فربما نجد يوم الاثنين إمامًا مجيدًا والثلاثاء إمامًا ملحنًا، تغير الحال فأصبح الخشوع يصل إلى الانعدام في كثير من الصلوات، وأصبحت أعيد صلوات كثيرة، بل أغلبها، وبالطبع تلك الإعادات لا أجد فيها خشوعًا لأنه غالبًا ما أضطر للاستعجال فيها، بل ومن كثرة ما وجدت من ألحان الأئمة أصابني وسواس، وأصبحت أتكلف في إخراج الحروف.
أيها السادة، كنت أشتاق والله إلى الصلاة، الآن أصبحت تثقل عليّ! مع أني أعلم أن هناك رأيا للمالكية يبيح الائتمام بمن يلحن هذه الألحان من تغيير الحروف غير المتعمد، إلا أن نفسي لم تطاوعني قط في مخالفة الجمهور، ولكن لا أظن أنه يصح استمرار الحال على هذا، وأنا أحاول تحري المسجد الذي يغلب فيه الحال بصحة قراءة الإمام، إلا أن ذلك يتعسر على أحيانًا لبعد مسافة ربما أو تأخر وقت أو رفض أبي.
فيا أيها الأفاضل، أريد منكم حلًّا شافيًا نهائيًّا أعمل به طيلة الحياة؛ هل أصلي في البيت ولو لم تتوافر الجماعة؟ أم أصلي خلف الإمام وأعيد ما تم اللحن فيه ولو كثر الحال؟ أم أصلي ولا أعيد؟
أريد الخشوع وصحة الصلاة يا إخوتنا؛ فقولوا لي ما يحقق الأمرين بغير خوض في خلاف العلماء وتقليد المرجوح، بحيث أبرأ لديني وصلاتي التي هي أول ما يسأل العبد يوم القيامة.
وفي النهاية أريد أن أخبركم أني ربما أتورط في صلاة إمام يبدل حرفًا بحرف أو يسقط أو يزيد، وربما أكون في سفر أو ليس لي وقت لإعادة الصلاة، فما حل ذلك إذن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنخشى أن تكون مصابًا بشيء من الوسوسة في هذا الأمر، فإن الزعم بأن خمسة وتسعين بالمائة من الأئمة يقرؤون قراءة ملحونة يبدو مبالغًا فيه جدًّا.

وعلى كل حال؛ فإن كثيرًا من الفقهاء قد سهلوا في الحروف المتقاربة المخارج؛ كالتاء والطاء، والسين والصاد، والضاد والظاء، وذلك لعسر التفريق بينها في حق العوام، وقد ذكرنا طرفًا من كلامهم في الفتوى رقم: 113626، فإذا شق عليك الأمر جدًّا فيسعك العمل بهذا المذهب، فإن الأمر إذا ضاق اتسع، والمشقة تجلب التيسير، ويبدو لنا أنك إذا عملت بهذا الرأي تيسر عليك الأمر، وزال عنك الحرج. وإن كان الإمام يلحن لحنًا جليًّا مما لا يسهل فيه الفقهاء، فيكفي أن تنوي مفارقته وتصلي منفردًا.

ونكرر تحذيرك من الوسوسة في هذا الباب؛ لأن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني