الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

باشر فتاة وهو صائم دون إيلاج فأنزل.. الحكم والواجب

السؤال

أنا شاب في الـ 18 من العمر، أكتب لكم ودموع الندم والحزن تمزقني بعد أن عصيت الله في نهار رمضان، واختليت بفتاة قصد الدراسة، لكنها بدأت تراودني عن نفسها وأنا أمانع إلى أن انهرت وقبلتها وداعبتها وأنزلت بعد أن قامت بمص عضوي الذكري، لكن لم يحدث إيلاج. فهل هذا يعتبر زنا؟ وهل من توبة لي؟ وهل وجب عليّ صيام 60 يومًا؟
أرجوكم ساعدوني، لقد دخلت في دوامة من القلق والندم والبكاء، وأنا مصاب بالاكتئاب الذي تضاعفت حدته بعد هذا العمل الشنيع، وصرت أخاف أن اضر بنفسي؟
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا شك أن ما أقدمت عليه ذنب عظيم أفسدت به صومك، وانتهكت به حرمة الشهر، ويعتبر نوعًا من الزنا؛ لما جاء في الحديث: "لِكُلِّ ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا، فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْقُبَلُ، وَالْقَلْبُ يَهِمُّ أَوْ يَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ". الحديث رواه أحمد، والبيهقي، وغيرهما. ورواه البخاري بلفظ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ». فما وقع بينك وبين تلك المرأة يعتبر من الزنا، ويستوجب التوبة إلى الله تعالى، ويفسد به الصيام بسبب الإنزال، ويجب قضاء ذلك اليوم، إلا أنه لا تلزم به الكفارة المغلظة بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا؛ لأن هذه الكفارة لا تجب بغير الجماع في قول جمهور أهل العلم، وما فعلته لا يعتبر جماعًا، ولا يستوجب إقامة حد الزنا ما دام لم يحصل إيلاج على ما ذكرت.

وأما هل لك من توبة؟ فالجواب: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة؟! وقد قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. والكفر الذي هو أعظم الذنوب قال الله تعالى لأهله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ...} [الأنفال: 38]. فلتجتهد في تحقيق التوبة مما فعلت، وذلك بالندم عليه والعزم الأكيد على عدم العودة، فإن حققت التوبة فأبشر بعفو الله تعالى ومغفرته.

يا من عدا ثـم اعتـدى ثـم اقـتـرف ثم انتـهى ثم استحى ثـم اعتـرف.

أبشــر بقـول اللـه في آيـــــاتــه إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلـف.

ولتحذر مستقبلًا من الخلوة بامرأة أجنبية؛ فإن هذا من دواعي الوقوع في الفاحشة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ" رواه الترمذي، وغيره.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني