الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم الشخص بترك الجماعة على القول بأنها فرض كفاية؟

السؤال

أنا لست عالمًا، وليست لديّ قدرة على الترجيح، وقرأت عن الخلاف الكبير المتعلق بحكم صلاة الجماعة في الفتاوى السابقة عندكم، فعلى قول القائلين بأنها فرض كفاية، هل آثم بتركي للجماعة ما دامت تقام في المسجد جماعة؟ علمًا بأنني أصلي جماعة إن كنت خارج المنزل، ولكني لا أخرج خصيصًا لها؛ أخذًا بأنها فرض كفاية، أو غير ذلك من الأقوال التي تفيد عدم الوجوب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا إثم عليك في ترك الصلاة في المسجد عند القائلين بأنها فرض كفاية، ما دام يوجد من يصلي فيه، ولكن ينبغي لك -أخي السائل- أن لا تحصر همك في كونك آثمًا أم لا، بل اجعله منصرفًا إلى تكثير الحسنات، والحرص على الطاعات، فصلاة الجماعة في المسجد تضاعف على الصلاة في البيت؛ لما في المساجد من كثرة المصلين، وأجر الخطا إلى المساجد ذهابًا وعودة، وأجر انتظار الصلاة، واستغفار الملائكة للمنتظرين، وأجر الصف الأول، وكل هذا الثواب العظيم مما يُحزِنُ قلبَ المؤمن فواتُه، وقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التفريط في التبكير للصلاة، والصف الأول، وفي المتخلفين عن صلاة الجماعة في المسجد فجرًا وعشاء: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ، وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ، لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ، وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا.. متفق عليه. وفي لفظ للبخاري قال عن المتخلفين عن المسجد: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ..

والمرماة مَا بَين ظلف الشَّاة من اللَّحْم، فاجتهد -أخي السائل- في أداء الصلاة في المسجد، واخرج لها، فلعل خطوة إلى المسجد تكون بها نجاتك يوم القيامة يوم يطلب الناس بعضهم من بعض حسنة واحدة فقط، قال عكرمة تلميذ ابن عباس: يلقى الرجل زوجته فيقول لها: يا هذه، أي بعل كنت لك؟ فتقول: نعم البعل كنت، وتثني بخير ما استطاعت، فيقول لها: فإني أطلب إليك اليوم حسنة واحدة، تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين، فتقول له: ما أيسر ما طلبت، ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئًا أتخوف مثل الذي تخاف، قال: وإن الرجل ليلقى ابنه، فيتعلق به، فيقول: يا بني، أي والد كنت لك؟ فيثني بخير، فيقول له: يا بني، إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى، فيقول ولده: يا أبت، ما أيسر ما طلبت، ولكني أتخوف مثل الذي تتخوف، فلا أستطيع أن أعطيك شيئًا. اهـ.

وصدق الله العظيم: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ {الزلزلة: 8}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني