الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزنا بالأم.. الداء والدواء

السؤال

لدي صديق مقرب جدا، ولأنه لا يثق إلا بي قال لي قصة عائلية خاصة، وهي أنه اكتشف أن أمه وأخويه الأكبر منه سنا على علاقة ـ والعياذ بالله ـ زنا محارم، وهو يريد أن يتوب ولا يعلم عندما يتوب كيف سيعيش في هذا المنزل الذي ترتكب في الكبائر، علما بأن والده قام بالاعتداء عليه جنسيا وهو صغير وهو نائم، وهو لا يعلم كيف سيبر والديه وهما كذلك، فالموضوع شبه مستحيل، وإن كان لا يسقط بر أبويه، فهل يتعبر تبليغ الجهات المسؤولة عن هذه الجريمة من العقوق؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزنا جريمة عظيمة وكبيرة من كبائر الذنوب، قد حذر الله منها في كتابه ورسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، وقد ذكرنا جملة من نصوص الوعيد الواردة فيه بالفتوى رقم: 26237.

وحصوله بين المحارم أعظم جرما وأشد تحريما، فالمحرم مرجو منه حماية عرضه والدفاع عنه حتى أنه قد جاء بالسنة أن من قتل دفاعا عنه كان شهيدا، روى أحمد والترمذي والنسائي عن سعيد بن زيد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد.

ثم إن القيام بهذا الفعل الشنيع مع الأم عقوق بها، فانضاف إلى تلك الكبيرة كبيرة أخرى، وكيف ترضى أم عاقلة أن يفعل ابنها معها مثل ذلك؟! فالواجب على صديقك إن اطلع منهم على هذا أن يبذل للجميع النصح ويذكرهم بالله تعالى ويخوفهم أليم عقابه في الدنيا والآخرة، وخطورة هذا الأمر عل العائلة وسمعتها لو قدر معرفة الناس بذلك، فإن ازدجروا فذاك، وإلا فليهددهم برفع الأمر إلى الجهات المسؤولة لعلهم ينتهون، فإن لم ينتهوا فلا يبلغ الجهات المسؤولة فإن ذلك في الغالب محض مضرة عليه وعليهم ولا مصلحة فيه، فبذلك يؤذي أمه، وفي إيذائها عقوق لها، ولمعرفة ما يشترط في شهود الزنا نرجو مطالعة الفتويين رقم: 49657، ورقم: 194589.

والواجب على صديقك الحذر من إشاعة هذا الخبر، لأنه إن لم يأت ببينة عليه كان قاذفا يستحق عقوبة القذف، وقد أوضحناها في الفتوى رقم: 29732.

وليعلم أن بره بوالديه لا يسقطه عنه إساءتهما، وتراجع الفتوى رقم: 299887.

وعليه أن يبادر إلى التوبة والاستقامة وأن لا يكون ما يحصل في البيت مانعا له من ذلك، وإن رجا أن يكون في وجوده في البيت مصلحة شرعية كتقليل الفساد فليبق فيه، وإلا فليبحث عن بيئة صالحة يعيش فيها، كما في حديث الصحيحين في قصة الذي قتل تسعة وتسعين نفسا: انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء...

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني