الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتصرف مع زوجته التي تركت البيت وتطلب الطلاق

السؤال

زوجتي وهي بنت عمي ذهبت إلي أبها وأنا في تبوك عند إخوانها، وقد طلبوا مني ذلك لكي يعالجوها لشك أنها فيها مس أو عين، علما أنه كان في وفيها سحر قبل زواجنا، وكان يتضح للأقارب، أما الآن لم يتضح حتى الآن شيء، وقد كانت قد أسقطت الجنين في الشهر الأول من حملها متعمدة، وأخبرتني وقالت إنها حملت جاولين الماء سعة 20 لترا حتى أجهضت لكي تستفزني، وما كان مني إلا أني قلت لها: أهم شيء أنت بخير وأنا على حسن ظني، وصارت تخرج من البيت غصبا عني وتتحداني إذا منعتها سوف تخرج وتركب مع أي واحد في الطريق، أو تصرخ لكي تذهب إلى المشغل النسائي الذي هو لها مناصفة مع صديقتها، علما أني قد ساعدتها في أغلب ما يتطلبه المشغل من مال الله الذي رزقني، ولم أطالبها به إلا بعد أن تدخلت معها صديقتها شريكة في المشغل.
وبعدها بفترة قصيرة استلفت مني أيضا مبلغا من المال وقدره ألف وخمسمائة ريال سعودي، وقالت إنها لصديقتها وسوف ترجع إلي المال في يوم محدد ومعلوم، واتضح لي كذبها بعدها طالبتها بالمال حيث إنها حولت المبلغ إلى رجل وعدها باستخراج شهادة الثانوية لها بطريقة نظامية بدون دراسة لكي تتوظف بها في قطاع حكومي على حسب قولها، طبعا كان التواصل عن طريق زوجته، وقد كنت نصحتها أن لا تفعل قبل ذلك وأن لا أحد يستطيع فعل ذلك، وأنه قد يتسبب ذلك في السجن بتهمة التزوير، ولم أكن أعلم عزمها في الأمر، وصارت تمنعني من الفراش، ولم يكن أمامي إلا أني كلمت أخاها الكبير فأتى إلينا مشكوراً فسمع منها وكانا منفردين، وفي نفس اليوم أرسلت رسالة إلي تقول أريدك أن تقدر وتعرف أن الذي يصير معي والله غصبا عني، فما كان مني إلا أني قلت لأخيها إن هذا غصب عنها فذهب إلى عمله في الشرقية، وبعدها بشهر اتصل علي وقال لي سوف آخذها إلي أبها لكي نعالجها، قلت أنا ملزم بها، قال ما تسمع كلامك فوافقت على طلبه، مع العلم خلال هذه الفترة كانت تستفزني، ونحن بشر كنت أجامعها غصبا بدون ضرب أو عنف شديد.
ووصلت هناك وقالت أريد الطلاق، ولم ترد على مكالماتي من وقتها أو تريد أن تراني حيث ذهبت إلى أبها لأطمئن عليها هي والأولاد ودون تجاوب.
وأعترف أني مقصر في الصلاة في المسجد أو تأخيرها وأني أدخن، ولقد ـ ويشهد الله علي ـ كنت أطلبها أن تساعدني في قطع الدخان مرارا وتكرارا، وكنت أقول لها اصبري علي عصبيتي شهرا، وكانت تقول ما لنا دخل فيك، وقلصت المدة إلى 14 يوما، ونفس الجواب منها، وعلى الصلاة كنت أقول لها إذا لم أستيقظ اسكبي علي الماء ولم تتجاوب معي، وكنت أطلبها من فترة لأخرى، وهنا لا أحملها أخطائي وإنما أريد منها المساعدة في الاستقامة وتكسب في الثواب، وهي امرأة مصلية ومحافظة على صلاتها، علما أنها كانت دائما تردد أريد الطلاق من بداية زواجنا، ولدينا ثلاثة من الأبناء، الكبير عمره قرابة الثامنة عشر، والبنت الحادية عشر، والصغير السابعة والنصف، حفظهم الله، والزواج له حوالي 19 سنة، ونحن ولله الحمد والمنة لا نعاني من أمراض جسدية، وإني أحاول المحافظة على الصلاة قدر استطاعتي ولله الحمد وقيام الليل بعد هذا الأمر، وقد وعدني أولاد العم خيرا ولم يأخذوا مني مالا، وقد استأجروا لها شقة وفرشوها لها هي وأولادها، وأحاول أن أطمئن عليها بالاتصال هاتفيا بلا فائدة، فأتصل على أخيها فيقول هم بخير، وأحاول أن أرسل لها المال ولو بالشيء القليل على الذي أنفق، فيرد ويقول نحن إخوان أنت هذه العين وهي العين الأخرى، وهو صادق فيما يقول من مشاعر، والحال هذه لها من يوم تفخمت وكبرت، أو بالأصح من يوم بدأت أقل من 9 أشهر، لكن لم أر نتيجة، وهي ـ وأنا أعرف طبعها ـ عنيدة أما الأمور الأخرى فلم يكن فيها مثل الخروج والإسقاط، وأنا ـ ويشهد الله علي ـ ما أقول أني أخاف على نفسي وعليها عذاب النار، ولا أريد أن أحمل حقدا على مسلم حتى أحقد على أولاد العم والزوجة وأم أولادي، والوضع له حدود 6 أشهر أو يزيد من يوم كلمت أخاها، ولم تخبرني عن سبب إصرارها على الطلاق حتى أعدل الخطأ مني، وليس أحد معصوما من العيوب أو الذنوب والله يجزيها عني كل خير أنها صبرت على فقري كل هذه السنوات، وإني أحاول أن أحسن الظن وأتعوذ بالله من الشيطان الرجيم الذي يوسوس في صدورنا.
ولا أعلم أني قصرت عليهم لا في مأكل أو ملبس أو مسكن أو تسالي أو زيارة صلة رحم حسب استطاعتي، ويمكن أني قد قصرت بجهالة أو عدم استطاعة والله أعلم، وإني لا أريد إلا الصلح والنصيحة، ولا نريد التفرقة لأبنائنا، وحبي لبنت العم لازم وأم أولادي وزوجتي، ولا زالت حتى الآن تطلب الطلاق.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الوضع المالي 3000 في الشهر قطاع خاص.
فارق السن بيننا 8 سنوات.
مؤهل علمي أنا ثالث متوسط وهي سادس.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فامتناع المرأة عن طاعة زوجها في المعروف، وعدم إجابتها له إذا دعاها إلى الفراش نوع من النشوز يسقط نفقتها ويحق بسببه أن يؤدبها زوجها وفقا للخطوات التي جاء بها الشرع، ويمكن مطالعة الفتوى رقم: 1780، والفتوى رقم: 1103.

ولا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق لغير مسوغ شرعي، وقد أوضحنا في الفتوى رقم: 37112، فإن لم يكن لزوجتك ما يدعوها إلى طلب الطلاق فهي آثمة بذلك، ومن حقك الامتناع عن تطليقها حتى تفتدي منك كما هو مبين في الفتوى رقم: 124796.

وننصح بانتداب العقلاء من أهلك وأهلها للنظر في الأمر والعمل على الإصلاح بينكما، فالصلح خير كما أخبر رب العزة سبحانه في كتابه، وإذا استحالت العشرة ربما يكون الفراق هو الأفضل، وقال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

وبعدها قد ييسر الله لكل منكما من الأزواج من يسعد معه، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}، قال القرطبي عند تفسيره هذه الآية: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.

والواجب عليك الاستقامة على أمر الله، والحرص على المحافظة على الصلاة، والإقلاع عن التدخين، فكلا الأمرين محرمان، وانظر الفتوى رقم: 47422، والفتوى رقم: 1819، وما يدريك أن تكون هذه المعاصي سببا في تكدير صفو عائلتك، فالمعاصي لها آثارها الخطيرة، قال الله سبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}، وأثر عن الفضيل بن عياض أنه قال: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي.

وإن صح ما ذكرت من أن زوجتك قد تعمدت إجهاض جنينها في الشهر الأول فهي آثمة بذلك، فإجهاضه محرم في مختلف أطواره ـ أي ولو كان نطفة ـ كما بينا في الفتوى رقم: 130939، فالواجب عليها أن تتوب إلى الله، وشروط التوبة مبينة في الفتوى رقم: 5450.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني