الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إتمام الزواج بالمخطوبة التي تختلط بغير المحارم وتكذب أحيانا

السؤال

جزاكم الله كل خير على المشورة والجهد المقدم، أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم، وأيضًا أسأل الله في هذا الشهر المبارك أن يفرج همي وهم المهمومين من المسلمين.
أنا خطبت منذ أشهر من جنسية مختلفة عن جنسيتي، ولكن نعيش بنفس البلد, أهل خطيبتي يوجد لديهم أمر يزعجني كثيرًا، ألا وهو الكشف بينهم على الأرحام (كشف الوجه فقط). ولكن الجلوس وقت الأكل وتبادل الحديث بين خطيبتي وأقاربها مثل ابن الخالة أو ابن العم أو أزواج أخواتها، وهذا الموضوع يزعجني كثيرًا. حاولت منع هذا الموضوع عن طريق التحدث لزوجتي ثم لأم زوجتي بأسلوب راقٍ جدًّا ولكن كان جوابهم: عندما تتزوج بها في بيتك الخاص. أي: بعد الزواج تستطيع منع هذا النظام على زوجتك، اما الآن بما أننا نعيش في نفس المنزل بمعنى أن لديهم ابن الخالة يعيش معهم بنفس المنزل، فهو أمر صعب؛ لأنهم يأكلون بنفس الطاولة.
الموضوع الثاني الذي أحب أن أستفيد من خبرتكم فيه هو أنني ذهبت في نزهة أنا وخطيبتي وأمها وأمي وأخواتي، لاحظت بعدد من الاتصالات من والد خطيبتي على خطيبتي وأمها ولكن لم يتم الرد لا من قبل البنت ولا أمها، وبعد نصف ساعة اتصلت الأم ولاحظت أنها تكذب على زوجها، وأيضًا ناولت الهاتف لخطيبتي ولاحظت أنها تكذب أيضًا، مثل: إننا كنا نفعل أمورًا ونحن لم نفعلها، وإننا لم نفعل أمورًا، ونحن زرناها أو عملناها، مع العلم كل أن الأمور مباحة، لكن بالنسبة لي فالكذب طامة كبيرة.
أخيرًا: زوجتي تتضايق وتنزعج وتتحسس من كثير من المواضيع، ولكن بعد حديثي معها قالت: "أعرف أن الكشف حرام ولكن ما بيدي حيلة".
أسئلتي -بارك الله فيكم-: هل أستمر في هذا الزواج؟ وكيف أعالج الكذب الذي شاهدته بعيني وقد يحصل عليّ أنا في المستقبل من خطيبتي؟ وكيف أعالج موضوع الكشف؟ مع العلم أن جميع أهلها عندما يخرجون للخارج لا يكشفون، فقط في المنزل أو في المتنزهات.
وشاكر لكم، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أخطر الأمور ما يكون من التساهل بين الأقارب في التعامل مع النساء الأجنبيات بشأن الحديث بينهم أو كشف الوجه أو الدخول من غير مراعاة للضوابط الشرعية؛ فإن هذا باب واسع إلى الفساد، وقد أوضحنا محاذير مثل هذه التصرفات في الفتوى رقم: 98295، والفتوى رقم: 23203، والفتوى رقم: 4470.

وبذل النصح واجب سواء فيما يتعلق بهذه التصرفات أو بشأن الكذب المشار إليه أخيرًا، وليكن النصح بالحسنى، فلا يطبع المؤمن على الكذب، وراجع الفتوى رقم: 32451.

وأما زواجك من هذه الفتاة: فإن كانت في الجملة ذات دين وخلق، وهي بتلك الأفعال تجامل أهلها، وترجو أن يكون منها انضباط بعد الزواج والاستقلال في بيت الزوجية، فلا بأس بأن تكمل أمر الزواج منها، وإذا خشيت منها تهاونًا -كما هو الحال الآن- فالأولى فسخ الخطبة، فذلك أهون من إتمام الزواج وحصول الطلاق بعده، علمًا بأن الخطبة مواعدة بين الطرفين لكل منهما فسخها متى شاء، ويكره فسخها لغير عذر، وراجع الفتوى رقم: 18857.

وننبه إلى أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد له عليها؛ فيجب أن يراعي الضوابط الشرعية في تعامله معها؛ قال الشيخ/ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: المخطوبة أجنبيةٌ من الخاطب، لا فرق بينها وبين من لم تكن خطيبة حتى يعقد عليها. وعلى هذا؛ فلا يجوز للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة، أو أن يتصل بها إلا بالقدر الذي أباحه الشرع ... ولا يحل، يقول بعض الخاطبين إنني أحدثها من أجل أن أفهم عن حالها، وأفهمها عن حالي. فيقال: ما دمت قد أقدمت على الخطبة، فإنك لم تقدم إلا وقد عرفت الشيء الكثير من حالها، ولم تقبل هي إلا وقد عرفت الشيء الكثير عن حالك، فلا حاجة إلى المكالمة بالهاتف، والغالب أن المكالمة بالهاتف للخطيبة لا تخلو من شهوةٍ، أو تمتع شهوة، يعني شهوة جنسية، أو تمتع، يعني تلذذ بمخاطبتها، أو مكالمتها، وهي لا تحل له الآن حتى يتمتع بمخاطبتها أو يتلذذ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني