الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بقاء المرأة مع زوج لا يصلي ويهجرها

السؤال

أنا زوجة من أربع سنوات لرجل أرمل، لديه ثلاث أولاد يسكنون معنا في نفس البيت، وأنا لم أعترض على وجودهم، بل كنت راغبة في وجودهم من أجل الحصول على الأجر من ربنا، علمًا أنهم ليسوا أطفالًا، وأعمارهم الآن 25، 23، 15سنة، وقد اعتبرتهم أبناء لي، ولكن الأرواح جنود مجندة، فهم لم يحبوني، أو يتقبلوا وجودي، وفي نفس الوقت لم يؤذوني بشكل مباشر، ولكن لا يتحدثون معي، ولا حتى إلقاء السلام في بعض الأحيان، وهم غير ملتزمين بالصلاة، ولا الصوم، وحاولت التأثير عليهم، ووالدهم، وعلى الصغير بأساليب عدة للالتزام بالصلاة، ولكن دون فائدة، فوالدهم غير ملتزم أصلًا بالصلاة.
زوجي يغضب، ويقاطع، ولا يتحدث معي لفترات طويلة من الممكن أن تصل لشهر، آخرها كان شهرًا وأسبوعًا تقريبًا، وتركت البيت على إثرها إلى منزل والدي، ومشكلتي أني لا أحس بالمودة، والرحمة، والاحترام، والتقدير من زوجي في تعامله معي، وهذا الشيء ينتقل لتعامل أولاده معي، فعند غضبه يمكن أن ينام خارج الغرفة، وأسمعني كلامًا مهينًا أن الطبخ الذي أعمله يمكن الاستغناء عنه، والأكل خارج البيت، وكأنه لا داعي لوجودي، وقد سبق أن أعادني من بيت والدي مرة قبل شهرين بعد محاولات منه، ورجعت عندما جاءني بالحسنى، وقال لي: إنه يحبني، وإنه سيعمل على إسعادي، وتعويضي وأنا قبلت، وأنهيت الموضوع مع أهلي، ورجعت دون أن أجعله يحرج مع أعمامي، والآن قال لي: إن إرجاعي كان غلطة، وإنه كان يجب أن يتركني هناك، وأنا لم أخرج بعد كلامه هذا لبيت أهلي؛ لأن ابنه كان في فترة امتحانات مدرسية.
وخرجت لبيت والدي قبل رمضان بأيام، فهل أنا آثمة، وعليّ ذنب؟ وهل آخذ حقوقي في حال طلبت الطلاق؟ علمًا أنه لم يدعني للفراش منذ شهر وأسبوع، ولو دعاني فلا أظن أني كنت سأرفض؛ لأني لم أكن أريد هدم البيت، وهو لا يتحدث معي خلال هذه الفترة، ويوجد أذى نفسي عليّ من الاستمرار في الحياة، علمًا أنه في بعض الأحيان يطلب الجماع من الخلف، ولكن لا يجبرني عليه، وهو غير ملتزم بالصلاة، ويستنكر أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، بل انتهى بموت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وزوجي عنده رياء، فهو قد يؤدي الصلاة فقط لوجود أشخاص مصلين في المجلس، ويصلي الجمعة في المسجد، ولكن قد يتكاسل عنها في بعض الأحيان، وأنا عندي طفلة منه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيحسن بنا أن نبدأ بأخطر ما ذكرت عن زوجك من اعتباره أن الإسلام ليس صالحًا لكل زمان ومكان، وأنه مختص بعصر النبوة، فإن كان فعلًا يعتقد هذا الاعتقاد فهو على خطر عظيم، وهو من الأفكار التي تؤدي بصاحبها إلى الخروج من ملة الإسلام، وراجعي الفتوى رقم: 58415، والفتوى رقم: 298684، فينبغي أن يسلط عليه من يوضح له الحق، وينير له الدرب، ويحاوره بالحسنى، فإن تاب من هذا الفكر فالحمد لله، وإلا فلا يجوز لك البقاء معه، قال الله تعالى: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة:10}.

وترك الصلاة كذلك جرم عظيم، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن من ترك الصلاة كافر، ولو كان تركه لها تكاسلًا، وراجعي الفتوى رقم: 1145.

وعلى كل حال؛ فلا خير في بقاء الزوجة في عصمة زوج تارك للصلاة، ففراقه خير لها، فالأولى طلب الطلاق منه في هذه الحالة، ولو في مقابل عوض تدفعيه إليه، قال البهوتي الحنبلي: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.

ومن لم يراع لله عز وجل حقًّا، فلا يرجى منه أن يعرف لزوجته حقها، أو أن يحسن عشرتها، وهو مفرط بهجره إياك، وترك الوطء هذه المدة الطويلة، ومن كانت متضررة من زوجها فلها الحق في طلب الطلاق للضرر، وانظري الفتوى رقم: 37112، ففيها بيان الأسباب التي يشرع للمرأة معها طلب الطلاق.

وفي حال وقوع الطلاق فإن المرأة تستحق ما لها على الرجل من حقوق، وكذلك أولادها، وقد أوضحنا هذه الحقوق في الفتوى رقم: 8845.

وأما الخروج من البيت فلا يجوز إلا بإذن الزوج، وتأثم الزوجة بسببه إلا أن يكون لها مسوغ، كدفع ضرر، ونحو ذلك، وانظري الفتوى رقم: 117262.

بقي أن نبين أنه لا يلزم الزوجة شرعًا الرضا بسكنى ولد الرجل من غيره معها في البيت إلا في حالات خاصة بينها الفقهاء، ويمكنك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 298078.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني