الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي عن أم حامل وبنت وابن ابن وجد وابن أخ لأب وزوجة ابن حامل وعليه ديون وزكاة

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال:
(ابن ابن) العدد: 1
(جد (أب الأب))
(ابن أخ من الأب) العدد: 6
- للميت ورثة من النساء:
(أم ) وهي حامل بـ (أخ شقيق/أخت شقيقة)
(بنت) العدد: 1
(أخت من الأب) العدد: 3
(حمل لزوجة ابن الميت) العدد: 1
- معلومات الحمل في أقارب الميت هي:
(حمل لزوجة ابن الميت)
(حمل لزوجة العم من الأب للميت)
- وصية تركها الميت تتعلق بتركته، هي:
100 لبناء مسجد
- معلومات عن ديون على الميت:
(وجبت الزكاة في ماله ولم يخرجها)
(ديون)

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فما دام أن على الميت ديونًا، وزكاة لم يخرجها، فإنه يجب إخراج تلك الزكاة -أوصى بذلك أو لم يوص- وهذا ما رجحه كثير من أهل العلم، ويجب سداد الديون كل ذلك قبل قسمة التركة على مستحقيها؛ لأنها مقدمة على حق الورثة في المال، لقول الله تعالى في آيات المواريث: .. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11].

جاء في الموسوعة الفقهية: دَيْنُ الآْدَمِيِّ هُوَ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ، فَإِنَّ إِخْرَاجَ هَذَا الدَّيْنِ مِنَ التَّرِكَةِ، وَالْوَفَاءَ بِهِ وَاجِبٌ شَرْعًا عَلَى الْوَرَثَةِ قَبْل تَوْزِيعِ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، وَعَلَى ذَلِكَ الإْجْمَاعُ، وَذَلِكَ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ، أَوْ حَتَّى تَبْرُدَ جِلْدَتُهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ. اهـ.

وبعد إخراج الزكاة والديون تخرج الوصية التي أوصى بها للمسجد بشرط أن لا تزيد عن ثلث المتبقي من التركة -بعد إخراج الدين والزكاة-، وذلك أن الوصية أيضًا مقدمة على حق الورثة في المال للآية الكريمة: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ. وإن كان المقدار الموصى به للمسجد يزيد على ثلث التركة كان للورثة الحق في إمضاء الثلث فقط، ورد ما زاد عنه، فيدفعون ثلث التركة في بناء المسجد، ويقتسمون ما بقي بينهم القسمة الشرعية.

وإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر؛ فإن الذي يرث منهم هم: جد الميت، وأمه، وابنته، وابن ابنه، والحمل الذي لزوجة ابنه فقط، ولا شيء لبقية الورثة المذكورين بمن فيهم الحمل الشقيق، والحمل ولد عمه؛ لأنهم جميعًا محجوبون بابن الابن حجب حرمان.

وبما أن الورثة فيهم حمل -وهو الحمل الذي لزوجة ابن الميت-؛ فإن الأولى تأخير القسمة حتى يتبين حال الحمل، وإنما قلنا إن تأخير القسمة أولى لتكون القسمة مرة واحدة، ولأن من العلماء من يرى المنع من قسمة التركة إذا كان في الورثة حمل حتى يولد، كما فصلناه في الفتوى رقم: 142099.

فإن أبوا إلا القسمة فإنه يعطى للوارث الموجود أقل ما ينوبه على جميع التقديرات, ويوقف للحمل ميراث ابني ابن ذكرين؛ لأن هذا هو الأحظ له ها هنا، فتقسم التركة على ثلاثمائة وستين سهمًا، لأم الميت سدسها (ستون سهمًا)، ولجده سدسها أيضًا (ستون سهمًا)، ولابنته نصفها (مائة وثمانون سهمًا)، ويعطى ابن الابن عشرون سهمًا، ويوقف للحمل أربعون سهمًا، فإن ظهر أن الحمل:
1- ميت؛ أخذ ابن الابن كل الموقوف (الأربعين سهمًا).
2- ذكر؛ أخذ من الموقوف ثلاثين سهمًا، وأعطيت العشرة أسهم المتبقية لابن الابن.
3) أنثى؛ أخذت من الموقوف عشرين سهمًا، وأضيفت العشرين المتبقية لابن الابن.
4) ذكر وأنثى؛ أخذا من الموقوف ستة وثلاثين سهمًا، للذكر أربعة وعشرون، وللأنثى اثنا عشر، ويبقى من الموقوف أربعة أسهم يأخذها ابن الابن الموجود.
5) ذكران؛ أخذا كل الموقوف، أربعين سهمًا بينهما، لكل واحد منهما عشرين.
6) أنثيان؛ أخذتا من الموقوف ثلاثين سهمًا، لكل واحدة منهما خمسة عشر، ويبقى من الموقوف عشرة أسهم يأخذها ابن الابن.

وأخيرًا: ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدًّا وشائك للغاية، ومن ثم؛ فالأحوط أن لا يُكتفى بهذا الجواب الذي ذكرناه، وأن ترفع المسألة للمحاكم الشرعية، أو يُشافه بها أحد أهل العلم بها حتى يتم التحقق من الورثة، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية -إذا كانت موجودة-، تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني