الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل الصدقة على الوالدين والفقراء

السؤال

أنا فتاة موظفة غير متزوجة، وعمري 32 سنة وأساعد أهلي في النفقة على البيت، مع العلم أن والدي لديهما راتب تقاعدي، ولكن أبي يحب أن أصرف وأساعدهما، ولدي أخ صغير لا يعمل، فهل يتعبر ما أنفقه على أهلي صدقة؟ وهل هذه الصدقة تغني عن التصدق على الفقراء؟ مع العلم أنني أتصدق كثيرا على الفقراء والنازحين ـ ولا أزكي نفسي، وأسأل الله القبول ـ ورواتبنا الآن في العراق قد باتت تتأخر بسبب الأوضاع كما أنني أخرج زكاة أموالي كل سنة.
وجزيتم كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالنفقة على الأهل لا شك في فضلها وعظم أجرها ـ إذا ابتغي بها وجه الله تعالى ـ وخاصة إذا كانت من النفقة الواجبة فإنها تكون من أعظم القربات، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. رواه البخاري.

والنفقة على الأقارب عموما فيها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.

وبهذا تعلمين أن ما تنفقينه على أهلك يعتبر صدقة إذا ابتغيت بذلك الأجر من الله، علما بأن أبويك إن كانا محتاجين فيجب عليك الإنفاق عليهما إجماعا، جاء في كشاف القناع: قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. اهـ.

وإن كانا غير محتاجين فلا يجب عليك الإنفاق عليهما، لكن في إنفاقك عليهما بر بهما وصلة وصدقة؛ كما تقدم.

أما عن سؤالك عن كون الصدقة عليهما تغني عن التصدق على الفقراء، فجوابه: أن كلا منهما باب من أبواب الخير التي ينبغي للعبد أن لا يغفلها أو يقتصر على بعضها، وإن كانت الصدقة على الأقارب أفضل لجمعها بين الصدقة والصلة، فإن ذلك ليس على إطلاقه، وبالتالي، فالأولى عدم الاقتصار عليها خاصة مع وجود من هو أحوج من الأقارب، جاء في فيض القدير للمناوي عند شرح الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة، قال: الصدقة على المسكين الأجنبي صدقة فقط، وهي على ذي الرحم اثنتان ـ أي صدقتان اثنتان ـ صدقة وصلة، فهي عليه أفضل، لاجتماع الشيئين، ففيه حث على الصدقة على الأقارب وتقديمهم على الأباعد، لكن هذا غالبي وقد يقتضي الحال العكس، ولهذا قال ابن حجر عقب الخبر: لا يلزم من ذلك أن يكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقا، لاحتمال كون المسكين محتاجا ونفعه بذلك متعديا والآخر بعكسه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني