الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من مطلقة لها أولاد وأحكام زيارتهم

السؤال

أرجو قراءة رسالتي كاملة؛ لأنها سوف تحدد مصيري.
أنا شاب أبلغ من العمر 24 عاما، أقدمت على التزوج من امرأة مطلقة، مع العلم أنه لم يسبق لي الزواج من قبل، ورغم معارضة أهلي المستمرة لإتمام هذا الزواج، إلا أنني صممت على هذه المرأة؛ لأن من حقها أن تعيش، وأحبها كثيرا، وليس معنى أنها مطلقة، أن أتركها رغم أنه لا يوجد فيها شيء معيب لكي أتركها، وباقي على زواجي أقل من شهر واحد من الآن، والمشكلة تكمن في أن خطيبتي كان لديها طفل من زوجها الأول، وذلك الطفل يعيش مع أهل والده. وقبل خطبتي لها، قالت إنها قطعت علاقتها بكل الماضي، بما في ذلك الطفل؛ لأنه يعيش مع أهل والده، وبالأخص عمته العاقر، التي لم يقسم لها أن تنجب، بجانب أنها أرملة، وأنه يعيش أفضل عيشة معهم، ويعتنون به أفضل عناية، فضلا عن أن الطفل عندما كان يأتي إليها، كان يقول لها: "أنت سيئة، وأنا أحب أبي، وعمته، وأنت لا، وأريد أن أذهب إليهم" الطفل يبلغ من العمر 5 سنوات، وقالت إنها تركته لهم حتى لا يشعر بالتشتت بينها وبين الأب، بجانب أن يشعر بالغيرة عندما تقدم هي على الزواج مني، فبذلك سوف تدمره نفسيا. واقتنعت بكلامها، وأقدمت على خطبتها، ولكن وجدتها تقول لي هذه الأيام أنها سوف تعود إلى رؤية الطفل من جديد؛ لأنها تخاف أن تكون قطيعتها له ذنبا، ولكن لو لم يكن ذنبا، وأن هذا في صالحه، سوف تتركه يهنأ في الحياة وسط أهل أبيه دون أي مشكلة؛ لأنها سوف تسبب له المشاكل النفسية عند رؤيته لها، وهي متزوجة من آخر غير أبيه، وهذا الأمر إذا حدث، ألا وهو أن ترجع العلاقة بينها وبين طفلها من زوجها الأول، تؤلمني نفسيا جدا لدرجة لا تحتمل؛ لأنه يجعلني أتذكر أنها كانت تعيش مع رجل غيري، رغم أنني أغلقت تلك الصفحة، ولا أريد أن أتذكرها من جديد، وأريد أن أبدأ حياة جديدة، فضلا عن أن الطفل سوف يأتي بمشكلات ممكن أن تحدث له في البيت الآخر مع والده، أو مع عماته، أو في مدرسته، فيجعل ذلك زوجتي مشغولة به، وأنا كما ذكرت شاب أريد أن أبدأ حياتي دون أي مشكلات خارجية.
أفيدوني ماذا أفعل: هل أترك الفتاة، أم من الممكن أن يقوم أحد أقربائها بالاطمئنان على الولد ومن ثم تبلغ الأم؟ أم ماذا أفعل مع العلم أن زواجي بقي عليه أقل من شهر تقريبا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلنبدأ أولا بما ذكرت من معارضة أهلك للزواج من هذه المرأة، فإن كان المقصود أن والديك يعارضان زواجك منها، فالأصل أنه يجب عليك طاعتهما وترك الزواج منها؛ لأن طاعتهما في المعروف واجبة، وزواجك من هذه المرأة بعينها، ليس بواجب. وهذا ما لم تكن ثمة مصلحة راجحة، وتجد التفصيل في الفتوى رقم: 93194.

وإذا تزوجت هذه المرأة، فمن حقك الامتناع من سكنى ابنها من غيرك في بيتك، ولكن ليس من حقك أن تمنعها من رؤيتها له، أو زيارته لها بالمعروف، فقد نص فقهاء المالكية على أنه يقضى للصغار بزيارة أمهم كل يوم، وللكبار مرة في الأسبوع.

قال خليل في مختصره: وقضي للصغار كل يوم، وللكبار في الجمعة كالوالدين، ومع أمينة إن اتهمهما.

قال الخرشي شارحا: يعني أن أولاد المرأة إذا كانوا صغارا، فإنه يقضى لهم بالدخول على أمهم في كل يوم مرة؛ لتتفقد أمهم حالهم، وإن كانوا كبارا فإنه يقضى لهم بالدخول إليها في كل جمعة مرة واحدة. اهـ.

ولا يجوز لها قطيعة ابنها، وإلا أثمت، ولا يجوز لك أن تطلب منها ذلك؛ فإن في هذا حثا لها على قطيعة الرحم، وهي كبيرة من كبائر الذنوب، والله عز وجل يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وإذا خشيت أن يكون هذا الأمر مثارا للنزاع مستقبلا، فالأولى بك أن تبحث عن غيرها، خاصة وأن السنة النبوية جاءت بالحث على الزواج من الأبكار، وراجع النصوص الدالة على ذلك في الفتوى رقم: 100258.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني