الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لي صديق كنت لا أراه إلا مكتئبًا لكثرة المشاكل التي تحيط به، فانقطعت عنه لفترة، ثم لقيته مؤخرًا فإذا بحاله قد تغير للأفضل، وبدا عليه السرور، فسألته عن ذلك، فأجابني أن السر في هذه العبارة: (من صبر لله واستعان على ذلك بالله لم يحزن قط؛ لأنه صابر مع الله، ومن لم يصبر لله ولم يستعن على ذلك بالله لم يفرح قط؛ لأنه صابر عن الله).
سؤالي من عدة محاور:
أولها: كيف يكون الصبر لله والصبر بالله؟ وهل الصابر مع الله لا يحزن، والصابر عن الله لا يفرح؟
ثانيها: متى (يجب، يحرم، يجوز، يكره، يستحب) للمرء أن يصبر؟
ثالثها: ما قولكم في امرأة صبرت على ظلم زوجها سنين فأورثها ذلك أمراضًا نفسية وعضوية؛ فهل أصابها ما أصابها لأنها لم تصبر لله وبالله؟ أم أن ما أصابها هو من لوازم الصبر لله وبالله؟ أم تأثم من ابتليت بزوج ظالم لا يرجى صلاحه وصبرت عليه وهي تعلم الأضرار التي قد تترتب علي صحتها مستقبلًا؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه العبارة: (من صبر لله واستعان على ذلك بالله لم يحزن قط؛ لأنه صابر مع الله، ومن لم يصبر لله ولم يستعن على ذلك بالله لم يفرح قط؛ لأنه صابر عن الله) حسنة في الجملة، ويصح أن يعترض عليها بأن الصابر قد يحزن؛ فالحزن لا ينافي الصبر؛ كما بيّنّا بالفتوى رقم: 300889.

ويمكن تصحيحها بأن الصابر لله لا يسخط أقداره.

وكذلك الصابر عن الله قد يفرح في الدنيا؛ كما قال تعالى: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {القصص:76}. وإن كان النكد يغلب حياته؛ قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}.

وأما كيفية الصبر لله: فراجعه بالفتويين: 264664، 203794.

وأما الصبر بالله؛ فهو الاستعانة به على الصبر، وطريقه اعتماد القلب وثقته بالله أنه يصبره؛ قال تعالى: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ {النحل:127}. قال الطبري: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: واصبر يا محمد على ما أصابك من أذى في الله. (وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ) يقول: وما صبرك إن صبرت إلا بمعونة الله، وتوفيقه إياك لذلك. انتهى.

ونرجو إرسال باقي الأسئلة في سؤال مستقل كل سؤال على حدة حتى يتسنى لنا إجابته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني