الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قول الحسن البصري: فألبسهم نورا من نوره

السؤال

أريد من فضلكم شرحا مفصلا للحديث: سئل الحسن البصري: ما بال المتهجدين بالليل، من أحسن الناس وجوها؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.
ما المقصود ب: فألبسهم من نوره؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا الأثر من كلام الحسن البصري -رحمه الله-، وليس حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد، ومحمد بن نصر في قيام الليل بلفظ: قيل للحسن: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوها؟ قال: "لأنهم خلوا بالرحمن، فألبسهم من نوره نورا"

والمعنى: جعل النور ملازما لهم، كأنه من لباسهم؛ فالعرب تعبر باللبس عن الملازم؛ قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ {الأعراف:26}.

قال ابن عاشور: ويجوز أن يكون المراد بالتقوى، تقوى الله وخشيته، وأطلق عليها اللباس إما بتخييل التقوى بلباس يلبس، وإما بتشبيه ملازمة تقوى الله، بملازمة اللابس لباسه، كقوله تعالى: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن [البقرة: 187] مع ما يحسن هذا الإطلاق من المشاكلة. وهذا المعنى، الرفعُ أليق به. ويكون استطرادا للتحريض على تقوى الله، فإنها خير للناس من منافع الزينة،...انتهى.

وأما قوله "من نوره" يعني من نور الله؛ فالله عز وجل ينور بنور وجهه السماوات والأرض؛ فهي من آثار نور وجهه؛ فلا مانع أن ينور وجه عبده المؤمن القائم له يصلي.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: وفي قوله: {مثل نوره} وفيما رواه مسلم في صحيحه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق خلقه في ظلمة، وألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في دعاء الطائف: أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك. رواه الطبراني وغيره. ومنه قول ابن مسعود: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه. ..... وإذا كان كذلك، صح أن يكون نور السماوات والأرض، وأن يضاف إليه النور، وليس المضاف هو عين المضاف إليه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني