الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على العامي أن يكفر من فيه الكفر؟

السؤال

أنا أعلم أنه يجب تكفير الكافر؛ لهذا أعتقد أن اليهود والنصارى كفار، وكذلك من لم يكن مسلمًا، ولكن بالنسبة للأعمال المكفرة التي تكون ردة عن الإسلام لمن عملها، كتكفير الصحابة، أو اعتقاد التحريف، أو الطعن في أعراض أمهات المؤمنين، فإنني أعتقد أنها كفر وردة، ولكنني لا أكفر أحدًا بعينه، فلا أقول مثلًا الشخص الفلاني كافر، بل أترك أمره لله، حتى لا أدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: فقد باء بهما أحدهما ـ الحديث، ولا أكفر علماء المبتدعة، ورؤوسهم، وغيرهم بأعيانهم، بل أكفّر العمل، ولا أكفّر العلماء المخالفين بأعيانهم من أي مذهب، وأدع أمرهم لله، فهل أنا على صواب في هذه المسألة، ولا شيء عليّ؟ أم أنا مخطئ؟ وماذا يجب عليّ أن أفعل؟ فأنا أخاف أن أقع في الكفر ـ والعياذ بالله ـ وأنا موسوس -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا ننصحك بالإعراض عن أمور التكفير ما دمت موسوسًا، وأما تكفير الأعيان: فلا يجزم به إلا إذا توفرت شروطه، وانتفت موانعه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: إن التكفير له شروط، وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وجدت الشروط، وانتفت الموانع.

وقال: ومن ثبت إسلامه بقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة.

أما إذا توفرت في الشخص المعين شروط التكفير, وانتفت عنه الموانع, وأقيمت عليه الحجة, ودحضت له الشبهة: فإنه يكفر عينًا, قال الشيخ الدكتور صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية: عند أهل السنة والجماعة لا يتساهل في أمر التكفير، بل يحذر منه, ويخوّف منه, وأيضًا لا يمنعون تكفير المعين مطلقًا، بل من أتى بقول كفري يخرجه من الملة، أو فعل كفري يخرجه من الملة، أو اعتقاد كفري يخرجه من الملة، أو شك وارتياب يخرجه من الملة، فإنه بعد اجتماع الشروط، وانتفاء الموانع يحكم عليه العالم، أو القاضي بما يجب من الردة, ومن القتل بعد الاستتابة في أغلب الأحوال. اهـ.

وقد سئل الشيخ ابن باز في شرحه لكشف الشبهات: هل يجب على العامي أن يكفر من قام كفره، أو قام فيه الكفر؟

فقال في الجواب: إذا ثبت عليه ما يوجب الكفر كفره، ما المانع؟! إذا ثبت عنده ما يوجب الكفر كفره، مثل ما نكفر أبا جهل، وأبا طالب، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والدليل على كفرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتلهم يوم بدر.

وقيل له: يا شيخ، العامي يمنع من التكفير؟

فأجاب: العامي لا يكفِّر إلا بالدليل، العامي ما عنده علم هذا المشكل، لكن الذي عنده علم بشيء معين، مثل من جحد تحريم الزنا، هذا يكفر عند العامة والخاصة، هذا ما فيه شبهة، ولو قال واحد: إن الزنا حلال، كفر عند الجميع، هذا ما يحتاج أدلة، أو قال: إن الشرك جائز يجيز للناس أن يعبدوا غير الله، هل أحد يشك في هذا؟! هذا ما يحتاج أدلة، لو قال: إن الشرك جائز يجوز للناس أن يعبدوا الأصنام، والنجوم، والجن، كفر، التوقف يكون في الأشياء المشكلة التي قد تخفى على العامي. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني