الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يحصل عند خروج الدخان قبل قيام الساعة

السؤال

ألا يقتل الدخان (علامة من العلامات الكبرى) جميع الكفار والمشركين!!
إذا لماذا يقال إنه بعد أن تأخذ الريح الطيبة أيضا أرواح المؤمنين, يبقى المشركون ليشهدوا ما بقي من أهوال يوم القيامة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن من علامات الساعة وأشراطها العظمى، ظهور دخان قبل قيام الساعة، يملأ الأرض كلها، فتصبح كبيت أوقد فيه، فيأخذ بالمؤمنين كالزكمة، ويدخل في منافذ الكفار والمنافقين. ففي الحديث عن حذيفة بن أسيد الغفاري أنه قال: اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذكرون؟ قلنا: نذكر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تطرد الناس إلى محشرهم. رواه مسلم.

وأخرج ابن جرير في التفسير بسند فيه ضعف، عن ابن عمر قال: يخرج الدخان، فيأخذ المؤمن كهيئة الزكمة، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق، حتى يكون كالرأس الحنيذ. اهـ.

ولم يأت في الحديث أنه يهلك الكفار بسبب هذا الدخان.

وأما المؤمنون، فقد ثبت في شأنهم ما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- فيه ذكر الدجال، إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه، حتى تقبضه، قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فيبقى شرار الناس في خفة الطير، وأحلام السباع، لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكراً، فيتمثل لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك َدارٌّ رزقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور...

قال الحافظ في فتح الباري: قوله صلى الله عليه وسلم: من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء.

قال ابن بطال: هذا وإن كان لفظه لفظ العموم، فالمراد به الخصوص، ومعناه أن الساعة تقوم في الأكثر والأغلب على شرار الناس، بدليل قوله: لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة، فدل هذا الخبر أن الساعة تقوم أيضاً على قوم فضلاء.

قلت -أي الحافظ-: ولا يتعين ما قال، فقد جاء ما يؤيد العموم المذكور، كقوله في حديث ابن مسعود أيضا رفعه: لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس. أخرجه مسلم، ولمسلم أيضا من حديث أبي هريرة رفعه: إن الله يبعث ريحا من اليمن، ألين من الحرير، فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته. وله في آخر حديث النواس بن سمعان الطويل، في قصة الدجال، وعيسى، ويأجوج ومأجوج: إذ بعث الله ريحا طيبة، فتقبض روح كل مؤمن ومسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني