الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق قبل الدخول وبعد الخلوة

السؤال

أفيدكم أنني عقدت قِراني بابنة عمتي، وطالت فترة العقد مدة من الزمن؛ لظروف خاصة، وأنا وزوجتي نحب بعضنا في الله حبًّا شديدًا.
وبعد العقد، اختلينا ببعضنا مرتين، أو ثلاثًا، لم يكن فيها جماع، ولكن حدث بيننا كل الذي دون الجماع.
وبعد فترة أصبح الناس يضايقون أهل البنت، والبنت في تأخير الزواج، وما شابه ذلك، وتمت تعبئة والدها بكلام ليس له أساس من الصحة، وأصبح والدها يكرهها على طلب الطلاق، ويلح، ويضغط عليها، ولم أكن أعلم بذلك، واختلق قصة طلب مني فيها أن أطلقها؛ لأنه يحتاج الورقة لاستخراج شهادتها الجامعية، وعندما تهدأ الأمور بيننا يتم العقد مرة أخرى، وفعلًا ذهبت معه إلى السفارة، وطلقتها، وفي نيتي أن أرجعها قبل أن تكمل عدتها، وبعد أن أصبح والدها لا يضايقها، أخبرتني أنها كانت مكرهة في طلب الطلاق، ومجبرة لدرجة أنها لم تكن تتحمل مضايقة الناس، ووالدها الذي كان يضغط عليها، بناءً على كلام الناس معه.
المهم أني أرجعتها إلى ذمتي، بيني وبينها إلى أن تتيسر الأمور، ونعلن ذلك على الملأ.
مع العلم أن صيغة الطلاق التي كتبت في الورقة، كانت صيغة ركيكة، ولم أفهم منها شيئًا، وعندما تناقشت مع المسؤول في السفارة، قال لي: إنها لن تحل لك، وأنا عندما طلقتها تحدثت مع المسؤول بأنه يمكنني أن أردها قبل أن تكمل عدتها، أو أن أعقد عليها بمهر، وعقد جديد، وقد رددتها قبل أن تكمل شهرًا في عدتها، فأفتوني، وما حكم الصيغة التي كتبت في الورقة -جزاكم الله خيرا-؟
الصيغة المكتوبة في الورقة، كالتالي:
طلق السيد/ ع ب م .. زوجته المدعوة/ س ع. طلقة بائنة، أفهمها بأنها لا تحل له، إلا بعد أن تنكح زوجًا آخر، وذلك لعدم الدخول.
مع العلم أني أقسم بالله العظيم، أنني لم أفهمها هذا الكلام، والله على ما أقول شهيد -جزاكم الله عنا، وعن المسلمين خير الجزاء-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنود أن نلفت النظر أولًا، إلى أمر كثيرًا ما ننبه عليه، وهو الحذر من إطالة أمد الخطبة، أو تأخير الدخول كثيرًا؛ وذلك:

أولًا: لكون الزواج من أمور الخير التي ينبغي المسارعة إليها، والله تبارك وتعالى يقول: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ{البقرة:148}.

وثانيًا: لأن التأخير قد يكون سببًا في أن تعرض آفات تحول دون الإتمام، وما حدث في الحالة محل السؤال، أصدق شاهد على ما نقول.

وإن كنت قد تلفظت بالطلاق، فقد وقع، وأما التوقيع على ورقة الطلاق، فإن لم يصحبه تلفظ به، لا يقع بمجرده الطلاق، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 200509.

ولا عبرة بما كتب من أن هذا الطلاق بائن، لا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجًا غيرك، وراجع الفتوى رقم: 116761. والطلاق قبل الدخول، والخلوة الصحيحة، تقع به البينونة الصغرى، لا البينونة الكبرى، وراجع أنواع الطلاق البائن، في الفتوى رقم: 2550.

وأما الطلاق قبل الدخول، وبعد الخلوة، فيملك الزوج فيه رجعة زوجته على الراجح من أقوال الفقهاء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 103377.

وكما ترى، فإن فيما ذكرنا من بعض المسائل خلافًا، إضافة إلى أن النزاع الحاصل بينكم، ومن هنا نرى أن الأولى أن تراجع المحكمة الشرعية، فحكم القاضي ملزم، ورافع للخلاف في مسائل الاجتهاد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني