الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تطليق إخوة الزوج زوجته منه لمرضه ولحرمانها من ميراثه

السؤال

أرجو فتوى بخصوص صحة واقعة طلاق وهي كالآتي: زوجي كان يعاني من مرض ضمور الدماغ، ونوبات صرع كبرى مستمرة ومتكررة نتيجة ضمور وتلف بخلايا المخ، وفقدان التحكم في المخارج، واضطراب وظائفه المعرفية، قبل تطليقي بحوالي عام ونصف، وكل هذه كانت تفقد زوجي وبشكل أشبه بالكامل تقريبًا الإدراك والاستيعاب والتمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ في التصرفات، وتجعل منه دائم الشكوك والقلق والخوف والارتياب، ثم قام أشقاؤه باصطحابه لبيت العائلة في محافظة أخرى غير التي نعيش فيها أنا وزوجي وأولادنا بحجة العلاج والاهتمام به لحين الانتهاء من امتحانات أولادنا في الثانوية العامة حتى لا ننشغل بمرض زوجي عن امتحانات الثانوية العامة لأولادنا، وفوجئت بأن أشقاءه يتصلون بأولادي ويقولون لهم: "نحن سنطلق أمكم حتى لا ترث أباكم بعد وفاته، ولا ترث معاشه ". وأحد أشقائه قال لابننا الأكبر وهو في زيارة لأبيه: "أنا سأطلق أمك من أبيك حتى لا ترث ميراثه ولا معاشه بعد وفاته". وذلك لأن الجميع وخاصة أشقاءه كانوا يدركون أن زوجي في مراحله الأخيرة للمرض، وقد أوشك على الموت، وتخيلت أن هذا مجرد تهديد، وبعد أيام قليلة فوجئت بقسيمة طلاقي حيث إن أشقاءه هم من أوقعوا هذا الطلاق بغرض حرماني من ميراث زوجي ومعاشه بعد وفاته لوجود مشاكل وخلافات بيني وبينهم، ولما ذهب ابننا الأكبر كي يسأل والده هل طلقت أمي يا أبي؟ فقال له أبوه نصًّا: "أنا لم أطلق أمك". ومات زوجي بعد هذا الطلاق بـ 4 أشهر بالضبط.
علمًا بأنه لم تنقض الحيضات الثلاث عندي يوم وفاة زوجي بسبب انقطاع الحيض فتره طويلة بعد علمي بتطليقي وسوء حالتي النفسية.
لي ثلاثة أسئلة أرجو الرد عليها باستفاضة -جزاكم الله خيرًا-:
- هل يقع هذا الطلاق أم أنه طلاق باطل لا يصح؟
- هل عدم انقضاء الحيضات الثلاث يوم وفاة زوجي يجعلني زوجته وليس مطلقته؟
- كيف تكون عدتي في هذه الحالة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنود أن نلفت النظر أولًا إلى أن هذه من مسائل المنازعات، وتتعلق بها حقوق في التركة ونحو ذلك، فهي تستدعي السماع من جميع الأطراف وطلب البينات ونحو ذلك، فلا تكفي فيها مجرد فتوى، ولذا فنرى ضرورة مراجعة المحكمة الشرعية، فالقاضي الشرعي أجدر بالنظر فيها؛ ولأن حكمه ملزم ورافع للخلاف في مسائل الاجتهاد.

وعلى وجه العموم نقول: إن الطلاق بيد الزوج؛ للحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق". ويمكن أن يوقع القاضي الطلاق في بعض الحالات.

فإن لم يطلق الزوج في حال صحته ووعيه أو يحكم القاضي بالطلاق، فالأصل بقاء العصمة إعمالًا للقاعدة الفقهية: اليقين لا يزول بالشك. وليس لأقارب الزوج أو غيرهم أن يطلق عليه زوجته، بل الزوج نفسه إذا فقد وعيه بمرض عضوي أو جنون أو غير ذلك لا يصح طلاقه ولا أثر له. هذا أولًا.

ثانيًا: وإذا لم يثبت الطلاق، فالأصل أن تعتد المرأة عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا؛ لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ... {البقرة:234}.

وعلى فرض ثبوت الطلاق ونفاذه؛ فإن كانت لا تزال في عدتها من الطلاق الرجعي، فإنها تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة، وسبق أن أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 30732. وترث؛ لأنها في حكم الزوجة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 150981.

ونؤكد في الختام على ما نبهنا عليه أولًا من أهمية مراجعة القضاء الشرعي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني