الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في شركة تعمل على تقديم استشارات ائتمانية من أجل إجراء عقود التأمين

السؤال

أسأل الله أن يرزقنا وإياكم علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبلًا، وأن ينفع بكم المسلمين.
ما حكم العمل في شركة تقدم استشارات مالية، وائتمانية لفائدة شركات تأمين ضد مخاطر التأخير في السداد، أو عدم السداد (للشركات التجارية التي تقوم بشراء كميات من السلع على أن تدفع ثمنها بعد أجل محدد) وشركات تأمين الصادرات.
فنحن لا نقوم بالتأمين، وإنما دورنا يقتصر على جمع بيانات عن الشركات المشترية، التي تقوم بالاستيراد، أو تقوم بالشراء والدفع بعد 90 يومًا (على سبيل المثال) وتقييمها من خلال ما توفر لدينا من بيانات؟
ما حكم تقديم بيانات عن شركات تجارية (البيانات الصحيحة المسجلة في غرف التجارة، أو وزارات التجارة, إلخ) لفائدة شركات استشارية تقوم بنفس نشاط شركتنا؟
أرجو إفادتنا حسب ما يرى أهل العلم، ولو كان هناك خلاف بينهم في إحدى المسألتين، فهل يمكن لي الأخذ بالرأي الأيسر؛ لأن ديننا دين يسر، ولأنني لا أتقن إلا هذا العمل -بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرًا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعمل السائل في جمع بيانات عن الشركات المستوردة، أو المشترية بالآجل، هو في ذاته لا حرج فيه، ولكن يتغير حكمه بحسب ما يترتب عليه، شأنه شأن كل الوسائل المباحة في ذاتها، فإنها تعطى حكم غاياتها، وما يترتب عليها، والقاعدة في ذلك: أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وقد سبقت لنا فتوى في بيان هذه القاعدة برقم: 50387، وجاء في كتاب (قواعد البيوع وفرائد الفروع): قاعدة: (كل مباحٍ أدى تعاطيه إلى محرم، فهو حرام). وهذه القاعدة داخلة تحت قاعدة سد الذرائع، التي لها في الفقه المنزلة العالية، والمرتبة الرفيعة، وبيانها أن يقال: إن المباحات يحكم لها بالإباحة بالنظر إلى ذاتها، أما بالنظر إلى مقاصدها فإنها تختلف أحكامها باختلاف ما يراد بها، واختلاف آثارها ونتائجها، ذلك لأن المباحات وسائل، وقد تقرر في الأصول أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فوسائل الواجب واجبة، ووسائل المحرم محرمة، ووسائل المندوب مندوبة، ووسائل المكروه مكروهة، ووسائل المباح مباحةٍ، وهذه القاعدة تبين أن هذا المباح إذا أدى تعاطيه بيعًا، وشراءً، وهبة، ونحو ذلك إلى أمرٍ من الأمور المحرمة، فإنه يكون ممنوعًا، أي أن الشريعة تمنع من التعامل به، وتحرم تعاطيه سداً لذريعة الوصول إلى الحرام، وهذا داخل تحت عموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}. اهـ.

وعلى ذلك؛ فلا يجوز العمل في شركة يقوم عملها على خصوص تقديم استشارات مالية، وائتمانية من أجل إجراء عقود التأمين التجاري المحرم؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني