الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التحلل من المال الذي رفض صاحبه أخذه

السؤال

جزاكم الله خيرًا، أريد ردًّا على سؤالي:
أنا قبل أسابيع طلبت من امرأة أن تدخل على موقع يطلب تحديثات أسبوعية لسجلي، وقلت لها أن تحدث لي كل أسبوع على أن أدفع لها مبلغًا من المال كل شهر، واتفقنا على ذلك، وكنت أدخل الموقع أيضًا لكي أتأكد أنها تقوم بالتحديثات، ولكن كلما دخلت إلى الموقع من الجوال يكتب لي بأن التحديث لم يكتمل، وكنت أرسل لها وأسألها: "هل أنت تقومين بالتحديثات؟" ولكنها لا تجيبني، وبعد عدة أيام طلبت مني أن أحول لها المبلغ، وطلبت منها عدم الدخول إلى الموقع، وقلت لها: "لن أدفع لك شيئًا لأنك لم تقومي بالتحديث"، فغضبت تلك المرأة، وأخذت تدعو عليّ، وتقول: إنها لن تسامحني لأنني ظلمتها، وطلبت مني أن أتأكد مرة أخرى من الموقع، وقمت بالدخول إلى الموقع مرة أخرى من جهاز الكمبيوتر، وكتب لي أن التحديثات قد اكتملت، وتم التحديث، ولم أكن أعلم أنه بعد أن أدخل إلى الموقع أذهب إلى أيقونة معينة تظهر لي التحديثات القديمة، وبعد أن علمت أنني قد ظلمتها أرسلت لها اعتذاري، وطلبت منها السماح، وقلت له: "إن هناك سوء تفاهم"، وطلبت منها إعطائي رقم حسابها البنكي لكي أحول لها مالها، لكنها رفضت، وكل ما قمت بإرسال رسالة لها لا تجيبني، فهل من الممكن أن أتصدق بالمال الذي رفضت أن تأخذه أم لا بد من أن أرده إليها؟ مع العلم أنها رفضت إعطائي رقم حسابها البنكي لأحوله لها، ولا أعرف أين تسكن، أو أي شيء عنها، وهل أنا حقًّا ظلمتها؟ ودعاؤها عليّ هل أستحقه؟ وهل أنا آثمة على ذلك؟ فقد ظلمتها ولم أتعمد ذلك، وكنت أجهل حقيقة أنها كانت تدخل إلى الموقع وتحدث، أفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دامت المرأة المذكورة قد أنجزت ما آجرتها عليه، فقد لزمك الأجر المتفق عليه، ولا تبرأ ذمتك بالتصدق به عنها، بل لا بد من رده إليها، وإذا رفضت أخذ حقها فيمكن أن تسلميه للمحكمة الشرعية، ونحوها، وتخبريهم بشأنها، وتحتاطين بأخذ وصلًا بتسليمه لهم، وبذلك تبرأ ذمتك؛ لأن القاضي من اختصاصه النظر في مثل هذه المسائل، وقد ورد إلى اللجنة الدائمة سؤال يقول صاحبه: عندي رجل يمني دهَّان في منزلي، وقدر الله عليه وتوفي بحادث سيارة، وعندي له مبلغ ثلاثة آلاف ريال (3000)، ولم يحضر له من أدفع له المبلغ، وقد طلبت من قاضي بلدنا استلام المبلغ، ورفض بحجة إبقائه عندي حتى حضور وارثه، وقد مضى على وفاته أكثر من عام، وسألت عنه بعض اليمنيين الذين كان يسكن معهم، وقالوا إنَّ له أخًا سوف يحضر لاستلام ما له من حقوق، ومضت مدة ولم يأت من يستلم ما له من حقوق. أرجو توجيهي -أثابكم الله- بالطريقة التي تبرأ ذمتي بها، وأتخلص من هذا المبلغ الذي أثقل عاتقي -حفظكم الله-.
وكان الجواب: عليك أن تحفظ حق هذا العامل عندك حتى يحضر وارثه، وتتأكد منه، وتسلمه إياه ما دمت قد عرفت أن له أخًا سيحضر لأخذ حق أخيه عندك، ولو طالت المدة، وأن تنميه له في تجارة، ونحوها، فذلك خير، وإن أمكن تسليم ما لديك من حق لرئيس المحكمة التي بمنطقتكم كفاك ذلك، وتأخذ منه سندًا بتسلمه ذلك منك، فهو أحوط، وأيسر لك. اهـ.

ولا شك أنك قد أخطأت في حقها، وكان ينبغي أن تتأكدي قبل أن تقولي لها ما قلت، ولكن نرجو أن لا تكونين ظالمة لها لكون امتناعك من دفع حقها لم يكن متعمدًا -كما قلت-، بل بسبب ظنك أنها لم تقم بما اتفقتما عليه، ومعلوم أن الخطأ معفو عنه في الشرع؛ قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وغيره، وصححه الألباني.

ومن ثم؛ فينتفي عنك الإثم، ولا يلحقك شيء من دعائها -إن شاء الله-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني