الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من تكرر منه الحلف بالطلاق بناء على الفتوى بعدم وقوع الطلاق

السؤال

إذا حلف زوج على زوجته يمين طلاق بألفاظ الكناية، ثم سأل شخصًا موثوقًا، فأفتاه حسب رأي ابن تيمية، ولم يحدِّثه أبدًا عن أن هناك رأيًا آخر للجمهور، وأصبح الرجل يعرف أنه إذا حلف يمين طلاق بألفاظ الكناية، فإنه لا يقع طلاق، وإنما يلزمه أن يدفع كفارة إذا كانت نيته المنع، وليس الطلاق، فبناء عليه أصبح يحلف على زوجته، وحلف أكثر من ثلاث مرات، وكان هناك حنث، ثم اكتشف أن هناك رأيًا آخر للجمهور، وأصبح خائفًا جدًّا، ويقول: لو أخبرني الشخص الذي سألته عن أول يمين حلفته أن هناك رأيين، وماذا يقول كل رأي، فلن أعاود الحلف مرات أخرى، فهل يحاسبه الله تعالى على المرات التالية، ويحسب عليه طلاقًا، أم يحاسبه بناء على ما يعرف، وهو أن الطلاق لا يقع إذا كانت نيته المنع؟ ولو عرف رأي الجمهور فلن يحلف، وهو سأل ولم يخبره أحد أن هناك رأيين في الموضوع، فهل يعتبر في حكم الجاهل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولًا أن الحلف بالطلاق بدعة منكرة، وسماه بعض أهل العلم بيمين الفساق، فمن يحلف به يأثم من هذه الجهة، وانظر الفتوى رقم: 65881.

والحلف بالطلاق، يقع به الطلاق عند تحقق المحلوف عليه في قول الجمهور، سواء قصد الزوج الطلاق، أم لم يقصده، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق إن قصد الزوج مجرد التهديد، ونحوه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11592.

وإن كان هذا الرجل قد حلف بالطلاق، وتكرر منه ذلك بناء على كلام من أفتاه بعدم وقوع الطلاق، فلا يترتب على ذلك وقوع طلاق؛ لأنه قد أتى بما هو مطلوب منه من سؤال أهل العلم، كما قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه، وبلده فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.

ولكنه قد أساء بجعل الطلاق وسيلة تهديد لزوجته، وسبيلًا لحل المشاكل مع زوجته، وهذا يتنافى مع الشرع، والعقل، والحكمة، وينبغي له الاحتياط بعد أن علم أن جمهور الفقهاء على القول بوقوع الطلاق على كل حال.

وننبه إلى أن من تلفظ بكنايات الطلاق من غير نية، فطلاقه غير نافذ عند ابن تيمية، والجمهور، وراجع الفتوى رقم: 79215.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني