الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فتح حسابا لصديقه على الفيس بوك فاستعمله في السوء.. الحكم.. والواجب

السؤال

عندي صديق طلب مني أن أعمل له حسابا على الفيسبوك، فعملته له، ولكنه يستخدمه بشكل سيئ، فهل آخذ الحساب منه وأوقفه، مع العلم أن هذا سيؤثر على صداقتنا وسيغضب مني؟ أم أتركه وأبقى متضايقا من تصرفاته وضمير يؤنبني؟.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل هو جواز إنشاء الحساب لصديقك، إلا إذا كنت تعلم أو يغلب على ظنك أن صديقك سيستخدم الحساب في محرم فحينئذ لا يجوز لك أن تعينه على ذلك، فإن من القواعد المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة، لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما، لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا: لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها ـ وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.

أما ما سلف منك من فتح الحساب لصديقك: فإن كنت لا تعلم بحاله، أو كنت جاهلا بحكم فتح الحساب، فلا إثم عليك ـ إن شاء الله ـ لمكان الجهل منك، ومن الأصول الشرعية أن الجهل والخطأ قد رُفعت المؤاخذة به عن هذه الأمة في الجملة، وأما إن كنت تعلم حاله وحرمة إعانته، فالواجب عليك التوبة إلى الله من إعانته على إنشاء الحساب.

وأما عن أخذك الحساب من صديقك: فلا يجب عليك ذلك، بل الذي ينبغي لك هو بذل النصح والتذكير لصديقك بعدم استخدام الحساب في معصية أو محرم، ولا يضرك بعد توبتك ـ إن شاء الله ـ استعمال صديقك للحساب في محرم، فإن من تاب من الإعانة على المعصية لا يجري عليه إثم إعانته وإن بقي أثره ـ ما دام لا يقدر على إزالته ـ كما بيناه في الفتوى رقم: 225634.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني