الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عقد النكاح الثاني بموافقة الولي بعد عقد سابق بغير موافقته

السؤال

أساتذتي الأفاضل، هناك استفسار بخصوص عقد قران:
ملابسات الموضوع: تم عقد القران عند مأذون شرعي بين فتاة بكر في عقدها الثالث بحضور أخي الزوج، ومعرفة أهله دون أهلها، وقد أقدمت على هذه الخطوة نظرًا لظروف الزوج (متزوج بأخرى) التي لم يقبلها أهلها، برغم أنه موافق على جميع الشروط، وزوجته الأولى على علم بهذه الخطوة، وقبولها الموضوع، وتعهده أمام الله وأمامهم بأنه سيكون بقدرة الله عادلًا بينهما.
المهم: تم عقد القران مع محاولات الفتاة والرجل لاسترضاء الأهل للموافقة على الزواج (كأنه خاطب يتقدم لخطبتها).
و بعد ذلك قرر أهل الفتاة الإذعان لطلبها، ووافقوا على تزويجها منه، والآن ستتم بالطبع إجراءات الزواج (من خطبة وعقد قران وفرح).
السؤال هنا: هل يقوم الزوج بفسخ العقد الأول ليتم العقد الثاني ويكون ساري العمل به؟
مع العلم أن العقد الأول عند مأذون بغير دائرة محل إقامتهما، فهل سيكتشف وجوده؟ عقد القران تم في شهر يونيو من العام الحالي.
وهل هناك حرمة في كتابة عقد على عقد مسجل فعليًّا؟ وهل يمكن إجراء تعديل بحيث يتم التصادق على العقد الثاني بدلًا من الأول؟
أرجو الإفادة، ومعذرة على عدم ترتيب الأفكار، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان العقد الأول تم بغير إذن وليها، فهذا العقد فاسد؛ لأن الولي شرط لصحة النكاح على الراجح من أقوال الفقهاء، وانظري الفتوى رقم: 1766، والواجب تصحيح الأمر وتجديد العقد، ولا يحتاج الأمر إلى فسخ أو طلاق ما دام الناكح هو من سيتزوجها؛ قال ابن قدامة في المغني: إذا تزوجت المرأة تزويجًا فاسدًا لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها ... اهـ. وهذا يعني أن تزويجها لمن تزوجها لا يقتضي شيئًا من ذلك.

وإن كان قد وطئها، كان هذا الوطء وطء شبهة فلا يلزمه استبراؤها على الراجح؛ لأنه وطء يلحقه فيه النسب، وفي المسألة خلاف ذكره ابن قدامة، ورجح ما ذكرناه؛ حيث قال: وكل معتدة من غير النكاح الصحيح كالزانية والموطوءة بشبهة، أو في نكاح فاسد، فقياس المذهب تحريم نكاحها على الواطئ وغيره. والأولى حل نكاحها لمن هي معتدة منه إن كان يلحقه نسب ولدها؛ لأن العدة لحفظ مائه وصيانة نسبه، ولا يصان ماؤه المحرم عن مائه المحترم، ولا يحفظ نسبه عنه، ولذلك أبيح للمختلعة نكاح من خالعها، ومن لا يلحقه نسب ولدها كالزانية لا يحل له نكاحها؛ لأن نكاحها يفضي إلى اشتباه النسب، فالواطئ كغيره في أن الولد لا يلحق نسبه بواحد منهما. اهـ.

والمعتبر لصحة النكاح هذا العقد الأخير الذي توفرت فيه الشروط، ويصبح العقد الأول لاغيًا.

وأما توثيق العقد فليس بلازم، ولكنه إجراء مهم لضمان الحقوق وتجنب أسباب النزاع والخصومات، فعند الرغبة في التوثيق يوثق العقد الثاني. وكون المأذون من بلد آخر، واكتشاف العقد الأول من عدمه، فهذه أمور لا علم لنا بها.

وننبه إلى أن النكاح الفاسد إذا دخل فيه الزوج استقر به المهر، فتستحق الزوجة المسمى أو المثل على خلاف بين الفقهاء في ذلك، ويمكن مطالعة الفتويين: 107332، 34227.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني