الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الالتزام بالحجاب مع تحقيق نية الإخلاص ودفع الرياء

السؤال

هل لبس المرأة لحجابها أمام الناس رياء ودفعًا للذم يحبط كل عملها من صلاة وصوم ونافلة؟ علمًا أنها لو وجدت قبولًا ممن حولها لترك الحجاب لما توانت عن فعل ذلك.
وأيهما أسلم وأقل إثمًا أن تبقى على لبسها للحجاب دفعًا لذم الناس فقط دون أي مقصد شرعي آخر أو أن تترك الحجاب بالكلية حتى تلبسه مخلصة بذلك لله؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الحجاب من جملة أوامر الشرع وفرائضه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:59}. وهو شعار المسلمات، وفيه تجسيد لحيائهن، وأمارة على عفافهن وحشمتهن.

فعلى المرأة المسلمة أن تلتزم بالحجاب الشرعي بشروطه المبينة في الفتوى رقم: 6745.
وعليها كذلك أن تلبسه ابتغاء وجه الله وطلبًا لثوابه وخوفًا من عقابه، لا ليراها الناس أو لتتقي ذمهم؛ فإن الالتفات إلى الناس في فعل الطاعة أو تركها طلبًا لمدحهم أو خوفًا من ذمهم نوع من الرياء.

ولا نقول لهذه المرأة التي لبست الحجاب رياء أن تخلعه حتى تلبسه بإخلاص، بل نقول: إن عليها أن تواصل لبس الحجاب مع المبادرة إلى تصحيح نيتها والاجتهاد في تحصيل الإخلاص، فتغيير النية وجعل الإخلاص بديلًا للرياء أمر ممكن، ومما يساعد في ذلك: استحضار عظمة الرب تعالى، والخوف من عذابه، وراجعي الفتوى رقم: 45583، والفتوى رقم: 52210 لمعرفة بعض ما يعين على تحصيل الإخلاص وقلع الرياء.

وبهذا يعلم أن الأسلم للمرأة أن تمتثل أمر الله بلبس الحجاب مع مجاهدة النفس في تحصيل الإخلاص، لا أن تخلعه أو ترائي بلبسه. وعلى فرض وجود رياء حقيقي في لبسها للحجاب؛ فإن هذه معصية بلا شك، لكن إثمها قاصر على الفعل الذي حصل فيه الرياء، ولا علاقة له بصلاتها وصيامها وغير ذلك من طاعاتها؛ فلا يحبطها؛ جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الرياء يحبط العمل الذي خالطه واستمر معه، ولم يتب منه صاحبه، ولا يحبط الأعمال التي لم يخالطها، وإنما الذي يحبط جميع الأعمال هو الشرك الأكبر. اهـ.

ثم إنه ليس كل رياء يحبط العمل بالكلية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 98518.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني