الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية عقد الزواج الصحيح على من ليس لها ولي مسلم

السؤال

إني أعاني من مشكلة يتحدد عليها مستقبلي، أرجو المساعدة؛ لأنني لا أستطيع النوم بسببها، أنا شاب عمري 27 سنة، دخلت إلى أحد مواقع الشات الصوتي وتعرفت على بنت، وبعد أيام قليلة قالت لي بأنها صابئية متزوجة ولديها طفل وتسكن في السويد، لكنني برغم ذلك بقيت أتحدث معها، قالت بأنها لا تعيش مع زوجها حياة طبيعية، وأنها لا تحبه ولا تتفق معه في شيء ومشاكلهم يومية، وبعد فترة عندما بدأت أتحدث عن الإسلام قالت إنه يحرضها على اللبس القصير والمايوه، وإذا لبست لباسا محتشما يقول لها أنت متخلفة، وبسبب المشاكل طلبت منه الطلاق، وذهبت إلى بيت أهلها منذ بداية الزواج لكنه لم يستجب، وكان أهلها يلحون عليها في كل مشكلة بأن تعود حتى إن أحد إخوتها كان يحذرها من طلب الطلاق، ويقول لها ليس لدينا بنت تطلق، وخلال معرفتي بها حاولت الانتحار وعملت حادثا بالسيارة؛ لأنها تعبت من حياتها، إن خطئي هو أنني تعرفت إلى بنت متزوجة ولكنني أقنعتها بالإسلام، وهي تقول لي إذا صرت مسلمة لن يدعوني وشأني وسيحاربونني، وتريد أن نتزوج، ولا أخفي أنني كنت أريد ذلك أيضا، وطبعا بعد أن يتم الطلاق والعدة، ولا أخفي أنني حرضتها على الطلاق والدخول في الإسلام وهي اقتنعت، ولكني عدت بعد ذلك وقلت لها بأني مخطئ في ذلك وأنت صاحبة القرار، بعد ذلك قدمت أوراق الطلاق بعد أن ناقشت زوجها وقالت له بأننا يجب أن ننفصل، فنحن بيننا مشاكل كثيرة فدعنا ننفصل بالمعروف وهو وافق، ولكن بعد ذلك بدأ يسبب لها المشاكل، وتبين أنه إنسان سيئ وهذا قبل أن تصدر المحكمة أمر الطلاق؛ لأنه يأخذ فترة 6 أشهر، بعدها بفترة قررت المحكمة أن تكون الشقة لها وهو خرج وقررت الحضانة مشاركة للطفل بينهما، بعد ذلك هي أصبحت مسلمة بإرادتها، وهي سألت أحد الشيوخ وقال لها بمجرد إسلامك فأنت محرمة عليه حتى لو لم يعلم بإسلامك، وذلك خوفا من أن يخبر أهلها ويؤذوها، لكن رغم ذلك طلبت منها أن تخبره، وأن تدعوه للإسلام فإن أسلم فقلت لها بأنني سأتركها وهي وافقت، فأخبرته ومن ثم دعته مرة ومرتين وثلاثا وأخبرته عن الإسلام لكنها في المرة الأولى شعرت أنه استهزأ وبعد المرة الثالثة حذرها من أن تعلم ابنه شيئا عن الإسلام، وانقضت العدة من وقت إعلامه بإسلامها، ومن ثم سألت شيخا آخر فقال لها بأن العدة من وقت استلام ورقة الطلاق وفعلت ذلك وانتظرت اكتمال العدة وزوجها لم يسلم خلال كل الفترة حتى انتهت، بل إنه تزوج مباشرة بعد استلام ورقة الطلاق، وقد يكون قبل ذلك لأن دينهم ليس فيه ضوابط وهو غير ملتزم بأي شيء، وبعدها التقينا أنا وهي في بلاد أخرى فهي تعيش في السويد وأنا في العراق التقينا في تركيا وعقدنا عقدا شرعيا بحضور شهود اثنين وشيخ عقد لنا، ولكنني (لم أدخل بها) لأنها فورا عادت إلى بلدها السويد وأنا عدت إلى العراق، مع العلم بأن أهلها لا يعرفون لأنهم سيمنعونها فهم ليسوا مسلمين.
سؤالي هو: هل زواجي منها صحيح وشرعي؟ فأنا خائف من أن ما فعلته معها قبل طلاقها يحرم زواجي منها، فلقد ارتكبت معها المعاصي، مع العلم أن علاقتي بها لم تتعد حدود الإنترنت.
أرجو كل الرجاء أن تساعدوني في كيفية حل مشكلتي وإراحة بالي، فأنا لا أريد أن أحيد عن الطريق الصحيح، وأبحث عن الأجر والثواب، ولو أني ارتكبت المعصية في علاقتي بها على اعتبار أنها متزوجة ولكنني استغفرت وهي كذلك، ويوميا أستغفر وأدعوها للاستغفار.
ساعدوني جزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في أن التخبيب منهي عنه شرعا كما جاءت بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي مسند أحمد وسنن أبي داود ـ مع اختلاف في اللفظ ـ عن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. قال شمس الحق أبادي في عون المعبود: أي أفسدها بأن يزين إليها عداوة الزوج. اهـ. فلا يجوز مثل هذا الفعل ولو كان الزوجان كافرين، فإن حصل منك على هذا الوجه فتجب عليك التوبة، وشروط التوبة قد بيناها في الفتوى رقم: 5450.

وأما دعوة المرأة للدخول في الإسلام، فلا يعتبر تخبيبا لها، فإذا أسلمت انفسخ نكاحها من زوجها، فإن أسلم وهي في عدتها كان أحق بها ورجعت إليه بنكاحه الأول، وإن لم يسلم حتى انقضت العدة جاز لها الزواج من غيره كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 25469.

والمرأة المسلمة يزوجها وليها المسلم، فإن لم يكن لها ولي مسلم يزوجها القاضي المسلم، فإن لم يوجد فبوكالة مسلم عدل، وانظر الفتوى رقم: 56905، فإن لم يكن لهذه ولي مسلم فقد كان ينبغي رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية، فلا يصح تزويج هذا الشيخ لها مع وجود المحكمة الشرعية، ولكن إن تم الزواج تقليدا لأبي حنيفة في جواز تزويج المرأة نفسها فالزواج صحيح.

وعلى تقدير عدم صحته والرغبة في إتمامه فالواجب تجديد العقد على الوجه الصحيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني