الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القصاص العام والقصاص الخاص يوم القيامة

السؤال

في ترتيب مشاهد القيامة فإن المرور على قنطرة المظالم بعد عبور الصراط، ويقول البعض إن المظالم يقتص لها قبل الميزان الذي هو قبل الصراط، وإذا اجتاز المسلم الصراط نجا بفضل الله، فكيف يكون ذلك؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا ترتيب مشاهد يوم القيامة، وذلك في الفتويين رقم: 67452 ورقم: 17787، فراجعهما للفائدة

وأما بخصوص ما استشكلت: فالجواب عنه أن القصاص نوعان: قصاص عام وهو الذي يكون بين جميع الخلائق قبل عبور الصراط، وقصاص خاص وهو للمؤمنين فقط، بعد عبورهم الصراط، وقبل دخول الجنة، والغرض منه تهذيبهم وتنقيتهم قبل دخول الجنة، وقيل إنه لمن عليهم تبعات يسيرة لا يستحقون بها الدخول في النار، جاء في مجموع فتاوى ورسائل العثيمين: قوله: فيقتص لبعضهم من بعض ـ وهذا القصاص غير القصاص الأول الذي في عرصات القيامة، لأن هذا قصاص أخص، لأجل أن يذهب الغل والحقد والبغضاء التي في قلوب الناس، فيكون هذا بمنزلة التنقية والتطهير وذلك لأن ما في القلوب لا يزول بمجرد القصاص، فهذه القنطرة التي بين الجنة والنار، لأجل تنقية ما في القلوب، حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل، كما قال الله تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ {الحجر: 47}. اهـ.

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري: وقال ابن بطال: المقاصة في هذا الحديث هي لقوم دون قوم، هم قوم لا تستغرق مظالمهم جميع حسناتهم، لأنها لو استغرقت جميع حسناتهم لكانوا ممن وجب لهم العذاب، ولما جاز أن يقال فيهم: خلصوا من النار، فمعنى الحديث ـ والله أعلم ـ على الخصوص لمن لم يكن لهم تبعات يسيرة، إذ المقاصة أصلها في كلام العرب مقاصصة، وهي مفاعلة، ولا يكون أبدا إلا بين اثنين: كالمشاتمة والمقاتلة، فكان لكل واحد منهم على أخيه مظلمة، وعليه له مظلمة، ولم يكن في شيء منها ما يستحق عليه النار فيتقاصون بالحسنات والسيئات، فمن كانت مظلمته أكثر من مظلمة أخيه أخذ من حسناته، فيدخلون الجنة ويقتطعون فيها المنازل على قدر ما بقي لكل واحد منهم من الحسنات، فلهذا يتقاصصون بعد خلاصهم من النار، لأن أحدا لا يدخل الجنة ولأحد عليه تباعة. اهـ.

ومما تقدم يعلم أن من وصل إلى قنطرة المظالم فهو ناج ـ بإذن الله ـ من النار، ولكنه لا يدخل الجنة قبل حصول هذا القصاص الخاص.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني