الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يسيء الظن بالله بسبب مرض نفسي

السؤال

أنا مريض بمرض اسمه: الفصام الباروني، يتلخص هذا المرض في ضلالات عظمة، حيث يخيل لي أني عظيم القدر عند الله، وأني قد جئت إلى الدنيا لاسترداد حق المسلمين المسلوب. وضلالات اضطهاد، حيث أشعر أني مضطهد، وأن الناس يريدون إيذائي، وخصوصا النصارى.
ويتسم هذا المرض بوجود ضلالات إشارة، حيث أفسر كلام الناس على طريقتي، وأسيء الظن بكلامهم، وأتخيل أنهم يتحدثون عني بسوء، في حين أن كلامهم عادي، لا يقصدونني بتاتا. أحيانا ضلالات الإشارة، تأتي في صورة أني أتخيل أن الله يلهمني أنني من أهل النار. أنا أعلم أن كلامي متناقض: فكيف أكون عظيما عند الله، وأكون من أهل النار، ولكن هذا هو الواقع، أو بمعنى أصح أحيانا تأتيني نوبات العظمة، وأحيانا أخرى تأتيني نوبات أني من أهل النار، ولكن كوني من أهل النار، لا أصدقه إلا عند شفائي من المرض، وليس أثناءه. فأثناء المرض فقط، أشعر أني عظيم، وملهم. علمت من موقعكم في استشارة سابقة، أن هذا ليس إلهاما من الله، وأن الجنة والنار غيب، وأن الوحي قد انتهى، حقيقة لقد اقتنعت بنسبة 99% أن هذه ليست رسالة من الله بأنني من أهل النار، ولكن تلك ال 1% الباقية تجعلني أسيء الظن بالله، وأظن بأنني من أهل النار؛ مما يجعلني في بعض الأحيان أكره الله؛ لأني أظن أنني من أهل النار.
أريد أن أعرف هل أنا محاسب يوم القيامة على نوبات الكره التي تأتيني تجاه ربي، وتجاه الناس، بسبب ظني أنني من أهل النار، نتيجة تصديقي لتلك الرسائل، مع العلم أنني شفيت من هذا المرض؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا نسأل الله لنا، ولك العافية مما تعانيه.

وأما عن مؤاخذتك بما تقول: فإن كنت مغلوبا بسبب المرض، فلا مؤاخذة عليك، وإلا فانك تؤاخذ به.

قال الشافعي في الأم: ومن غلب على عقله بفطرة خلقة، أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية، لم يلزمه الطلاق، ولا الصلاة، ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه، والمجنون، والموسوس، والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله، ما كان مغلوبا على عقله، فإن ثاب إليه عقله، فطلق في حاله تلك، أو أتى حدا، أقيم عليه، ولزمته الفرائض، وكذلك المجنون يجن ويفيق، فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه، وإذا طلق في حال إفاقته لزمه. انتهى.
وننصحك بكثرة مطالعة القرآن، وكتب الترغيب والترهيب، والتأمل في أسباب دخول الناس الجنة والنار، وأن تعمل بمقتضى ذلك، وتوقن أن من مات على التوحيد، سيدخل الجنة بإذن الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني