الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قتل الحيات في الصلاة وخارجها وهل يجب الإنذار؟

السؤال

هل يجب عليّ أن أقتل الأفعى، أو الحية وأنا أصلي؟ وكيفية عمل ذلك في الصلاة: هل أخرج من الصلاة وأسلم يمينًا وشمالًا، ثم أقتلها، أم أقتلها من غير أن أسلم من الصلاة، وبعد قتلها أتم صلاتي، أم أعيد صلاتي من الأول؟
وما حكم قتل الحيات خارج الصلاة هل هو واجب أم مستحب؟ وبالنسبة لحيات البيوت كيف أستأذنها قبل قتلها ثلاثًا: هل ثلاثة أيام، أم ثلاث مرات في مجلس واحد؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمصلي يجوز له قتل الأفعى أثناء الصلاة, ولا يحتاج إلى قطعها بسلام, أو غيره, لكن إذا كان القتل يترتب عليه فعل كثير, فهذا يبطل الصلاة عند كثير من أهل العلم, وإذا بطلت، فإن إعادتها تجب.

وضابط الفعل الكثير هنا يرجع فيه لعرف الناس, ومن أهل العلم من قال: يكره قتل الأفعى أثناء الصلاة، إذا كانت غير متجهة إلى جهة المصلي.

وإليك تفاصيل كلام أهل العلم حول هذه المسألة, كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على جواز قتل الحية، والعقرب في الصلاة؛ لما روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب.

قال الكمال ابن الهمام الحنفي: الحديث بإطلاقه يشمل ما إذا احتاج إلى عمل كثير في ذلك، أو قليل، وقيل: بل إذا كان قليلًا.

وخص المالكية الجواز في حال ما إذا كان العقرب، أو الثعبان مقبلة عليه، وكرهوا قتلها في حال عدم إقبالها.

وصرح الدردير المالكي بأن الصلاة لا تبطل بانحطاطه لأخذ حجر يرميها به، أو لقتلها، لكن نقل الدسوقي عن الحطاب أن الانحطاط من قيام لأخذ حجر، أو قوس، من الفعل الكثير المبطل للصلاة مطلقًا، سواء كان لقتل عقرب لم ترده، أو لطائر، أو صيد.

ونصوا على كراهة قتل غير العقرب، والثعبان من طير، أو دودة، أو نحلة مطلقًا أقبلت عليه أم لا.

ونص الشافعية على عدم بطلان الصلاة عند قتل الحية، والعقرب فيها إذا كان العمل قليلًا، وبطلانها إن كان كثيرًا، والمرجع في ضابط العمل القليل، والكثير، العادة، فما َيعُدُّه الناس قليلًا، لا يضر، وما يعدونه كثيرًا، يضر.

قال النووي: قال أصحابنا: على هذا، الفعلة الواحدة كالخطوة، والضربة، قليل بلا خلاف، والثلاث كثير بلا خلاف، وفي الاثنين وجهان: أصحهما قليل، واتفق الأصحاب على أن الكثير إنما يبطل إذا توالى، فإن تفرق لم يضر. انتهى.

والأصل في قتل الحيات عمومًا الندب, وليس الوجوب، جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: قال المازري: لا تقتل حيات مدينة النبي صلى الله عليه وسلم إلا بإنذارها، كما جاء في هذه الأحاديث. فإذا أنذرها ولم تنصرف، قتلها. وأما حيات غير المدينة فِي جَمِيع الأرض، والبيوت، والدور فيندب قتلها من غير إنذار؛ لعموم الأحاديث الصحيحة في الأمر بقتلها. ففي هذه الأحاديث: اقتلوا الحيات. وفي الحديث الآخر: خمس يقتلن في الحل، والحرم منها الحية، ولم يذكر إنذارًا. وفي حديث الحية الخارجة بمنى، أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها، ولم يذكر: أنذروها. قالوا: فأخذ بهذه الأحاديث في استحباب قتل الحيات مطلقًا، وخصت المدينة بالإنذار للحديث الوارد فيها. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 4688 عن حكم قتل الأفاعي خارج الصلاة, ويبان حكم إنذارها قبل القتل هل هو عام, أم خاص ببعضها دون البعض؟

وإنذار الأفعى قبل قتلها يكون ثلاثة أيام, عند جمهور أهل العلم, وثلاث مرات عند آخرين، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 296626.

وما يقال في إنذار الأفاعي قبل قتلها، سبق بيانه في الفتوى رقم: 196181.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني