الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل كل بدعة أشد وأغلظ من كل كبيرة؟

السؤال

هل كل بدعة أشد وأغلظ من كل كبيرة؟ أم إن هذا الكلام فيه تفصيل، وليس على إطلاقه؟ لأنه وجد من استغل هذه القاعدة لتبرير مجالسة عوام الناس مع الفساق، وقال خير لهم من مجالسة أهل البدع، ويستدل بآثار عن السلف.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليست كل بدعة أكبر من كل كبيرة، فالبدع وإن كانت أشد، وأغلظ من الكبائر، لكن ليست بالضرورة أن تكون كل بدعة أشد، وأغلظ من كل كبيرة، سئل الشيخ: محمد ابن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى: أيهما أعظم: المعصية، أم البدعة؟ وهؤلاء مثلاً الذين يتخذون بعض الوسائل البدعية في الدعوة للتخفيف، وصد الناس عن بعض المعاصي؟

الجواب: البدعة معصية، وزيادة، وهي من حيث أثرها، وكونها تقدمًا بين يدي الله ورسوله أشد، حتى إن بعض أهل العلم قال: إنه لا توبة لمبتدع؛ لأن البدعة تنتشر، وردها صعب بعد انتشارها، لا سيما وأن البدعة غالباً تُغَلَّف بأمر عاطفي، وأنتم تعرفون أن عاطفة المسلمين بالنسبة لله، ورسوله شديدة جدًّا، فقد تكون البدعة أكبر، وقد تكون المعصية أكبر حسب الحال، لكن لو تساوتا من حيث الوزن، فآثار البدعة أشد، وأضر على المسلمين.

وقال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ـ حفظه الله ـ في شرحه لكتاب فضل الإسـلام للإمام محمد بن عبد الوهاب: فجنس البدعة أشنع، وأغلظ من الكبائر ـ من جنس الكبائر ـ لا يعني أن كل بدعة أعظم من كل كبيرة، لا، ولكن جنس البدع؛ لأنها معارضة للرسول صلى الله عليه وسلم، واستدراك عليه، وشرع دين لم يأذن به، وتعبد بأشياء لم تكن عليها سنته من جهة الاعتقاد، والشبهة، وهذه أعظم من حيث الجنس من ذنوب الشهوات المختلفة. انتهى.

قال شيخ الإسلام في الاستقامة: وجنس البدع وإن كان شرًا، لكن الفجور شر من وجه آخر، وذلك أن الفاجر المؤمن لا يجعل الفجور شرًا من الوجه الآخر الذي هو حرام محض، لكن مقرونًا باعتقاده لتحريمه، وتلك حسنة في أصل الاعتقاد، وأما المبتدع: فلا بد أن تشتمل بدعته على حق وباطل، لكن يعتقد أن باطلها حق أيضًا، ففيه من الحسن ما ليس من الفجور، ومن السيئ ما ليس في الفجور، وكذلك بالعكس. اهـ.

وهذا النقل الأخير يدل على أن من الخطأ التهوين من شأن المعاصي بدعوى كونها أخف من البدع، بل هي من الفجور، والواجب التحرز من الجميع، وليس من الفقه تجرئة الناس على معصية الله بدعوى أنها أخف من البدع، وقد نهى الله عن حضور مجالس المنكر، كما بينا في الفتوى رقم: 278098.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني