الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل سؤال الإنسان حقّه في بيت المال من السؤال المذموم؟

السؤال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يستغن يغنه الله، ومن يستعفف يعفه الله". وقد طلب الحسن بن علي من معاوية عطاءه السنوي، ولا يزال الناس يطلبون من الحاكم، والأمراء أموالهم، فهل هذه تنافي الحديث أم إنها داخلة فيه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا بأس بسؤال الإنسان حقّه في بيت المال، أو في غيره، ولا يكون ذلك من السؤال المذموم، ولا يتنافى مع ما جاء في هذا الحديث، وهذا ما فعله الحسن -رضي الله عنه-؛ جاء في الإنصاف للمرداوي: فائدة: من أبيح له أخذ شيء، أبيح له سؤاله. على الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه الأصحاب. انتهى.

وجاء في الدرر السنية في الأجوبة النجدية: وسئل أيضًا الشيخ عبد الله (هو ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب): هل سؤال ولي الأمر داخل في السؤال المذموم؟
فأجاب: الذي عليه كثير من العلماء: أن الإنسان إذا كان له حقّ في بيت المال، أو الزكاة، فلا بأس بكونه يسأل حقّه من ولي الأمر، ولا يصير من السؤال المذموم -إن شاء الله تعالى-. انتهى.

والحديث المذكور أخرجه البخاري، ومسلم، ولكن أوله يبين معناه؛ فعن أبي سعيد الخدري: أن ناًسا مِنَ الأنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ...

فالحديث وارد على سؤالهم عمومًا دون سؤال حقّ ثابت لهم في بيت المال؛ ولذلك قال ابن قاسم في الحاشية: ويستحب التعفف؛ لما في الحديث: «ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله» ... ومن أبيح له أخذ شيء من زكاة، وصدقة، ونحوهما، أبيح له سؤاله؛ لظاهر: «للسائل حقّ، وإن جاء على فرس». وهذا مذهب مالك، والشافعي، ولأنه يطلب حقّه، ويحرم سؤال ما لا يباح أخذه، قال ابن حزم، وغيره: اتفقوا على أن المسألة حرام على كل قوي على التكسب، أو غني، إلا من تحمل حمالة، أو من السلطان، أو ما لا بد له منه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني