الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

والدي متزوج من ثلاث نساء، ولديه من الزوجة الأولى، والثانية 9 أولاد، والزوجة الثالثة تزوج منها منذ أقل من سنة، وهي الآن حامل، وفجأة، وبدون سابق إنذار، أو سبب معين قام بتطليق النسوة الثلاث معًا، وبعد شهر ونصف من الطلاق هم بأن يتزوج الرابعة، وهو يكمل الآن مراسم الزواج، ولا يرى أولاده في الأسبوع إلا ساعة، وهو من النوع الذي إذا اقتنع، أو قرر شيئًا كان من شبه المستحيل إقناعه بالعدول عنه، وأنا الآن أحاول معه كثيرًا دون فائدة، ومما أقول له: أنت حر في الزواج، لكن عليك بالعدول عن طلاق باقي النسوة لسبب الأولاد، وأحاجّه من باب حقنا عليه كأب، فيقول: إنه يوفينا حقنا، وأنا متأكد أن الرابعة لن تناسبه، وسوف يقوم بطلاقها؛ لأنه استعجل في اختياره كثيرًا، وحاولت معه بكل الوسائل، ولكنه ذكي يعرف كيف يجيب الجميع، وليس لي إلا أن أحاجّه بشرعنا، فهل ما يفعله جائز؟ وهل أستطيع أن أحاجّه بشيء؟ والناس أصبحوا يتكلمون عنه بالسوء؛ لأن أفعاله توحي بذلك، فما الواجب فعله؟ وماذا تنصحونني أن أفعل؟ وهل أكمل الوقوف في طريقه؛ لأن ذلك من واجبي كابن؟ وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوك طلق نساءه لغير حاجة، فقد أساء، فإن الطلاق لغير حاجة مكروه، بل ربما كان محرمًا، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ عند كلامه على أقسام الطلاق: ... ومكروه، وهو الطلاق من غير حاجة إليه، وقال القاضي فيه روايتان: إحداهما: أنه محرم؛ لأنه ضرر بنفسه، وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حرامًا، كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه و سلم: لا ضرر، ولا ضرار...

فانصح أباك، وبين له حكم الطلاق لغير حاجة، ومفاسده، فإن أبى مراجعة أزواجه، وأصرّ على الطلاق، فاتركه، ولا تثقل عليه، وأعطه حقه من البر، والإحسان، واحذر من الإساءة إليه، أو هجرانه، فإن أمر الوالد بالمعروف ونهيه عن المنكر ليس كأمر غيره، ونهيه، قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ.

وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: في جواب سؤال عن صلة الأقارب الواقعين في المنكرات: فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما، وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال، أو إخوان، أو أعمام..

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني