الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواج الشخص المريض من الفتاة التي مارس معها الرذيلة

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، تعرفت إلى فتاة تدرس معي في نفس الصف، وأصبحنا متحابين، وعندما استشرت أحد أصدقائي، وأريته صورتها أوصاني أن أبتعد عنها، وأنها كانت على علاقة بشخص آخر، وأنه كان يتباهى في المقهى بأنه كان يخطئ معها، وعندما ضغطت عليها تأكدت من صحة الكلام، وأقرت بفعلتها، واتضح أنها كانت على علاقة به لمدة 4 سنوات، وكان أكثرها مداعبة، ومص العضو الذكري... وكان يهددها بأن يفضحها، وكانت تخاف أن يعلم أبوها الذي سبق أن تعرض لوعكة صحية، فأكملت معه خوفًا منه، وقد نجح في إيلاج قضيبه في دبرها قليلًا... وبعد علمي بما حصل تدهورت حالتي النفسية، وأغلقت على نفسي لما جرحني مما سمعت؛ نظرًا لأنني لم أمس فتاة من قبل، وهذه أول مرة أحب فتاة... ورغم ذلك ساعدتها، فذهبت، وهددته، فخاف وامتنع عن تهديدها، ولم يعاود الاتصال، ولا التهديد، وبعد ذلك قررت أن أسامحها، ووقعت في الخطيئة معها إلى أن قمت بالإيلاج في دبرها... وعندها أفقت تركتها، وتبت إلى الله، والله يعلم بندمي، وأنا مريض بمرض في الدم نادر، قال لي الطبيب: إن هنالك نسبة 25% بأن يتطور بي المرض إلى سرطان بعد 10 إلى 15 سنة، وأموت، فتدهورت حالتي النفسية، فهل ينطبق عليّ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأة في دبرها؟ وهل لي من كفارة؟ وهل يحق لي الزواج...؟ وهل أتزوج الفتاة التي أخطأت معها، والتي تحبني كثيرًا وأحبها، مع رضاها بالزواج مني بعد علمها بالمرض؟ وهل يغفر لي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أن التوبة تهدم ما كان قبلها من الذنوب، ومن تاب تاب الله عليه، وشروط التوبة قد بيناها في الفتوى رقم: 29785، ومنها تعلم أنك لا تكون تائبًا توبة صحيحة حتى تقطع علاقتك معها.

فإن تبت على الوجه الصحيح، فنرجو أن تكون توبتك مقبولة، ولا تدخل في الوعيد الوارد في الحديث المذكور، ونحوه، وينبغي أن تحسن الظن بربك، فهو عند ظن عبده به، بل ولا يبعد أن يبدل الله تلك السيئات حسنات كرمًا منه وتفضلًا، كما سبق تبيينه في الفتوى رقم: 1882.

والزواج من أفضل ما يرشد إليه المتحابان، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

فإذا تابت إلى الله تعالى، فاقبل بها زوجة، وإذا كان الحال ما ذكرت من رضاها بالزواج بك مع علمها بهذا المرض، فلا حرج عليك في الزواج منها، وراجع الفتويين رقم: 117150، ورقم: 31520.

هذا مع العلم بأنه لا يلزم من إصابة المرء بمرض مميت أن لا يشفى صاحبه منه، أو أن يكون موت صاحبه قريبًا، فعليك بالإقبال إلى ربك، وسؤاله العافية، والشفاء، فهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.

وافعل الأسباب بمقابلة أهل الاختصاص، واستخدام الدواء، فما خلق الله من داء إلا وجعل له شفاء، روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل.

وننبه إلى أن يأخذ المسلمون دروسًا وعبرًا مما وقع لهذه الفتاة مع ذلك الشاب، ومع الأخ السائل، وكيف أن التساهل في العلاقات العاطفية يجر إلى شر، وبلاء، وتراجع الفتويان رقم: 30003، ورقم: 58914.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني