الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة زوجية أسرية وحلولها

السؤال

أنا متزوجة منذ سبع سنوات ولم يأذن الله بإنجاب أطفال، وموظفة، وزوجي يسافر للخارج وهو القائم بأخواته، وعنده أخوان كبيران أحدهما يبلغ 46 عاما ومعه من الأولاد 6، والثاني يبلغ 32 عاما، وهو مقبل على الزواج، ولا يخرجان من البيت سعيا للرزق... وزوجي هو القائم بكل هذا بالإضافة إلى أمه وأخته التي تم تطليقها ومعها أربع فتيات... وزوجي هو من يقوم بكل هؤلاء، ومنذ أن استلمت وظيفتي منذ أربع سنوات لم يقم بالصرف علي، وعندما يأخذ إجازة يعطي كل ما لديه من نقود لوالدته وأخواته... وتحملت هذا الوضع 4سنوات، ومعاملته سيئة جدا معي، فقد قطع علاقتي بأختي وأهلي، ثم ازدادت المشاكل بيننا حتى قمت بترك المنزل وطلبت الطلاق منه، وقبل أن أتركه طلب أخذ الذهب الذي هو مهري وقائمة الزواج حتى يطلقني، فقمت بإعطاء ذلك له مقابل تطليقي، فأرسل لي رسالة بكلمة أنت طالق، وهذه الطلقة الثانية وهناك كثير من أيمان الطلاق التي حلفها وقام بدفع مبلغ من المال لفداء هذه الأيمان التي حلفها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنفقة الزوجة واجبة على زوجها، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 19453.

ولم يجعل الشرع غنى الزوجة مسقطا لنفقتها، فيجب على زوجك أن ينفق عليك ولو كنت غنية، ومن حقك مطالبته بما لك عليه من حق، وما أنفقت على البيت بالمعروف غير متبرعة به يحق لك الرجوع به على زوجك، كما بينا في الفتوى رقم: 76604.

وأما إنفاقه على أمه وإخوته: فهذا شأن يرجع إليه، ولا يمنع الزوج من البر بأهله، فهو مأمور بذلك، قال تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا {الإسراء:26}.

وبرهم من حقهم، ثم إنه ينبغي للمرأة أن تكون عونا لزوجها على البر بأهله، فإن ذلك يكسبها حظوة عنده فتقوى بذلك العشرة والمودة، فليست المشكلة إذاً في بر زوجك بأهله، بل في تفريطه في حقك، إضافة إلى ما ذكرت من سوء معاملته لك، فإن هذا مما يتنافى مع حسن العشرة الذي قد جاء الأمر به في الكتاب والسنة، وانظري الفتوى رقم: 20098.

هذا مع التنبيه هنا إلى أنه ينبغي له أن يحث أخويه على الخروج لكسب الرزق وترك البطالة، ويمكن الاستعانة بما ذكرنا في الفتويين رقم: 58722، ورقم: 61995.

وكتابة الطلاق كناية من كناياته، لا يقع بها الطلاق إلا مع النية، كما هو موضح في الفتوى رقم: 110659.

وطلبك الطلاق مع دفعك المهر عوضا قرينة قوية على أنه أراد إيقاعه، والطلاق في مقابل عوض: خلع تبين به الزوجة بينونة صغرى إن لم تكن هذه الطلقة الثالثة، وراجعي الفتويين رقم: 13702، ورقم: 7820.

وإذا تنازلت لزوجك عن المهر مقابل الطلاق فقد استحقه بذلك، فلا يكون ظالما لك بأخذه في قول بعض العلماء، ويرى آخرون أنه لا يحق له أخذه إن كان هو المضر بزوجته، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 73322.

وأيمان الطلاق التي ذكرت أن زوجك قد تلفظ بها لا يمكننا أن نذكر فيها حكما معينا ولكن نحيلك على الفتوى رقم: 11592، ففيها حكم يمين الطلاق على وجه العموم، ومنها تعلمين أن من أهل العلم من ذهب إلى أنه تلزم بها كفارة يمين، فإن أفتاه بذلك ثقة وعمل بقوله فلا حرج عليه في ذلك.

وهنالك بعض الأمور الأخرى التي نود أن ننبه إليها في الختام:

الأمر الأول: أن خروج المرأة من بيت زوجها لا يجوز إلا لسبب مشروع، كما بينا في الفتوى رقم: 7996.

فإن كان خروجك لمجرد المشاكل فليس هذا بمسوغ شرعا، فتكونين قد أخطأت من هذه الجهة.

الأمر الثاني: ينبغي للزوج أن يعين زوجته على صلة رحمها، ولا يجوز له أن يأمرها بقطعها ولا طاعة له في ذلك، وصلة الرحم تتحقق بما يجري به العرف، فإن منع الزوج من الزيارة فيمكن للزوجة الاتصال ونحو ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 245188.

وهل يجب على الزوجة طاعة زوجتها إن منعها من زيارة أهلها؟ في ذلك خلاف أوضحناه في الفتوى رقم: 7260.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني