الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب تخلف المسلمين هو بعدهم عن تعاليم الإسلام

السؤال

لماذا أصبحت الدول العربية في خراب، ودمار، وبلاد الكفرة، والمشركين، والملحدين في أحسن الحالات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمناط رفعة هذه الأمة، وسبيل عزتها، وكرامتها، وسيادتها، وتقدمها على سائر الأمم يكمن في التمسك بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فمتى جعلنا كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم دستور الحياة؛ ندور معهما حيث دارا، ونسير بسيرهما حيث سارا، حصل لنا ما نرجوه من العلو، والتمكين في الأرض، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى؛ قال -عز وجل-: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا {النور:55}.

فإذا حققت بلاد العرب، والمسلمين هذا الشرط، وهو الإيمان، والعمل الصالح، فلن يتخلف وعد الله، فلا بد -إذن- من حصول الاستخلاف، والتمكين في الأرض، والتاريخ أصدق شاهد على هذا، فإنه حين تمسك المسلمون بدينهم، وحكموا كتاب ربهم، وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم قصروا القياصرة، وكسروا الأكاسرة، وكانوا سادة العالم، وملوك الدنيا، حتى قال الرشيد مخاطبًا سحابة مرت بفناء قصره: أمطري حيث شئت، فسوف يأتيني خراجك.

ثم خلفت خلوف أعرضوا عن كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وفشت فيهم المحدثات، والبدع، وانتشرت الموبقات، والمنكرات، فبدلهم الله بالعز ذلًّا، وآل أمر العرب، والمسلمين إلى ما آل إليه في عصرنا -ولا حول ولا قوة إلا بالله-.

وقد لخص عمر -رضي الله عنه- هذه القضية في عبارته المشهورة: إنّا كنّا أذلّ قوم، فأعزّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزّ بغير ما أعزّنا الله به أذلّنا الله -عز وجل-أخرجه الحاكم في المستدرك.

ولو شئنا أن نطيل النفس استدلالًا، واستشهادًا على هذه القاعدة الكبيرة لطال المقام جدًّا، ولكننا نكتفي بهذه الإشارة.

والحاصل: أن سبب تخلف العرب والمسلمين في العصور الأخيرة هو بعدهم عن حقيقة هذا الدين، وتركهم لتحكيمه في كثير من شؤونهم.

ومن ثَمّ؛ تقدم عليهم غيرهم، وصار زمام الحضارة بيد سواهم، ومتى ما رجعت الأمة لغابر عهدها من التمسك بحبل الله، والاعتصام بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع لها -ولا بد- سالف مجدها، وعزها، والله المسؤول أن يرد المسلمين إلى دينه ردًّا جميلًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني