الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نطق بالعهد بصوت خفي أن لا يكذب، فهل يثبت حكمه؟

السؤال

أثناء الدعاء في الصلاة قلت: "أعاهدك ربي -بصوت خفي- أن لا أكذب"، ولم أكن أعلم بأنه سوف يترتب عليّ عدم الحنث به، وقد قلت ذلك بنية العزم على ترك الكذب، ولست متيقنة هل قلت شيئًا آخر مع هذا العهد، والآن أجاهد نفسي على عدم الكذب، وإذا بدر مني كذب في شيء ما، فماذا يترتب عليّ؟ وهل عليّ كفارة اليمين؟ وهل لا بد من التلفظ بصوت مسموع؟ وإذا أديت الكفارة، وكذبت بعدها، فهل تلزمني كفارة أخرى؟ أم سيكون عليّ عقاب المنافقين الذين ينقضون العهد؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكونك نطقت ـ ولو بصوت خفي ـ بلفظ العهد، فهذا كاف في إثبات حكمه، ولا يشترط أن يكون الصوت مسموعًا.

وأما إذا كان الأمر مجرد حديث نفس، فلا يترتب عليه شيء، جاء في كشاف القناع ممزوجا بالإقناع: فإن نواه ـ أي: النذر ـ الناذر من غير قول، لم يصح كاليمين؛ لأنه التزام، فلم ينعقد بغير القول، كالنكاح، والطلاق، قاله في المبدع. انتهى.

وننبهك على أن ترك الكذب واجب ـ ولو بلا عهد ـ وراجعي في ذم الكذب الفتويين رقم: 3809، ورقم: 247153.

وقد سبق بيان مذاهب العلماء فيمن قال: أعاهد الله على كذا، في الفتوى رقم: 135742.

فإن أخللت بهذا العهد فتلزمك كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 231607.

فإذا كفرت عن اليمين انحل عهدك، ولم يلزمك كفارة أخرى بمخالفته، وانظري الفتوى رقم: 256108.

وأما خوفك من النفاق: فمحمود، فإن وقعت في شيء من الكذب فأتبعي ذلك بالتوبة، والأعمال الصالحة، وانظري الفتوى رقم: 151821.

وننبهك على أن الكذب مما يؤدي بالعبد إلى النفاق، قال تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ {التوبة:77}.

وأخرج ابن أبي الدنيا في آداب اللسان عن عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: قَالَ: يعد من النفاق: اختلاف القول، وَالْعَمَلِ، وَاخْتِلَافُ السِّرِّ، وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْمَدْخَلِ، وَالْمَخْرَجِ، وَأَصْلُ النِّفَاقِ، وَالَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ النِّفَاقُ: الْكَذِبُ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني