الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاختلاف في الفروع الفقهية ليس سبيلًا للشك في أصول الدين

السؤال

أنا في حيرة من أمري، فقد تعددت الطوائف، والفرق التي تنتمي للإسلام، وكثرت أخطاؤهم، وعثراتهم، فما بين متشدد يحرم حتى عروض المحلات التجارية، ومتراخٍ يفتي بأنه يجب على كل مسلم اختيار ما يراه مناسبًا له من آراء العلماء، حتى لو كان غير مدعوم بدليل من السنة، أو القرآن، وأكاد أنسلخ من الدين، ولم أعد أستمع إلى الدروس، أو القنوات الدينية، ولا أدري المصيب من المخطئ، وأغرق في مستنقع الإلحاد، أو اللاأدري شيئًا فشيئًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يليق أبدًا أن يجرَّ الجهلُ بفروع الدين ومسائله، إلى الشك في أصوله وقواعده! فأين التشتت بين المتشددين والمتساهلين، والتفرق بين طوائف المسلمين، والاختلاف بين العلماء في بعض قضايا الاجتهاد.. أين هذا من الشك في مبدأ التدين، والتحير في أصول الدين وعقائده؟!

فلا علاقة أبدًا بين الخطأ في الاجتهاد، وفي فهم بعض مسائل الدين وبين الغرق في مستنقع الإلحاد، أو الوصول إلى حال الشخص اللاأدري ـ وهو الذي ليس لديه رأي محدد فيما يخص قضية وجود إله من عدمه ـ فكل من ذكرهم السائل في مطلع سؤاله لا يختلفون في وجود الله تعالى، واتصافه بصفات الكمال، واستحقاقه وحده سبحانه للعبادة، كما لم يختلفوا في كون القرآن كلامه الحكيم، ومحمدٍّ صلى الله عليه وسلم رسولَه الأمين، كما لم يختلفوا في البعث بعد الموت، وقيام القيامة، وحساب الناس على أعمالهم، فإما إلى جنة وإما إلى نار، وهكذا في أصول الدين ومعتقداته الأساسية: لا ريب فيها، ولا اختلاف، فاستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ومن شر النفس الأمارة بالسوء، وتوجه بجهدك إلى مدارسة القرآن، والسنة، وقضايا الإيمان، ودع عنك التشتت في أمور فرعية طالما لم تُحكِم الأصل، وتؤسس للقاعدة، وراجع للأهمية الفتويين رقم: 117924، ورقم: 111062، وما أحيل عليه فيهما.

وأما ما ذكرته من حال الفرق المنتمية للإسلام، فاعلم أن الله تعالى لم يجعل أحدًا بعد رسوله صلى الله عليه وسلم حجةً على الناس، ولا قدوة لهم سواه، فإن أردت أن تحكم على الإسلام، أو أن تنسب شيئًا إليه، فليس أمامك من سبيل إلا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وسنته، وسيرته، كما فهمها ونقلها عنه أصحابه الكرام ـ رضي الله عنهم ـ وبقدر ما تتعلم من هذا المصدر القويم وتنتهجه، بقدر ما تعرف حقيقة الإسلام الحق، ونوصيك بقراءة كتاب: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ـ للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، حتى تطلع بنفسك على رسالة الله تعالى لخلقه عن طريق فهم كتابه، وتدبر كلامه، ثم كتاب: وإنك لعلى خلق عظيم ـ للشيخ صفي الرحمن المباركفوري، بأجزائه الثلاثة، حتى تقف بنفسك على سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخلاقه، ومنهجه في دعوته، وأن حياته العملية هي المبينة، والشارحة لمراد الله تعالى في كتابه، ونسأل الله تعالى أن يوفقك، وأن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك، وشر شياطين الإنس والجن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني