الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب الوفاء بالنذر الذي قصد به منع نفسه من شيء؟

السؤال

شيوخنا الأجلاء: جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه لنا في موقعكم من فتاوى، وأجوبة، ونصائح، وإرشادات أفادتنا كثيرًا في أمور ديننا، ودنيانا.
أنا -والحمد لله- شاب ملتزم منذ طفولتي، ولكن بعد البلوغ بدأت ممارسة العادة السرية حتى أصبحت لا أستطيع التوقف عنها، ولأني أعرف أنها حرام فأنا أعاني كثيرًا من تأنيب الضمير، والخوف من عذاب الله، وحاولت أن أتركها كثيرًا، لكني لم أستطع؛ لذلك لجأت إلى اليمين، فكنت أعود وأكفر، ولأني لم أستطع منع نفسي فقد لجأت إلى النذر، فنذرت أن أتصدق بمبلغ كبير، وابتعدت فترة، ثم أغواني الشيطان، فعدت لها، ولكي أمتنع نذرت نذرًا آخر بالتصدق بمبلغ آخر، وللأسف عدت مرة أخرى، واستطعت الآن أن أمنع نفسي، ولكن مرت عدة سنوات منذ النذر الأخير، ولم أخرج النذرين؛ لأني قرأت في موقعكم أن الكفارة تجزئ، فأخرجت كفارة يمين، وأنا الآن أملك المبلغ وهو 15 ألف ريال، فهل تبرأ ذمتي بكفارة اليمين، أم يجب عليّ الوفاء بالنذر؟ علمًا أني كلما هممت بإخراج المبلغ أقول في نفسي: طالما الكفارة تجزئ، فأولادي أحق بهذا المال، فأنا مغترب، وأحاول توفير مبلغ من المال لكي أشتري بيتًا لأولادي، ولكني لا أريد أن أشتري دنياي بآخرتي.
أفيدوني بجواب شاف، وأرجوكم لا تحولوني على فتوى أخرى؛ لأني قد قرأت كل فتاواكم في هذا الأمر، ولن يشفي صدري سوى جواب منكم، وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحمد الله على أن وفقك للتوبة، ونسأله أن يعينك على طاعته، وأن يثبتك عليها.

وهذا النذر هو المعروف عند العلماء بنذر اللجاج، ولا يجب الوفاء به على الراجح، وإنما حكمه حكم اليمين، فيخير الناذر بين الوفاء به وبين كفارة يمين؛ قال ابن قدامة في المغني: إذا أخرج النذر مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه، أو غيره به شيئًا، أو يحث به على شيء، مثل أن يقول: إن كلمت زيدًا، فلله عليّ الحج، أو صدقة مالي، أو صوم سنة، فهذا يمين، حكمه أنه مخير بين الوفاء بما حلف عليه، فلا يلزمه شيء، وبين أن يحنث، فيتخير بين فعل المنذور، وبين كفارة يمين، ويسمى نذر اللجاج والغضب، ولا يتعين عليه الوفاء به، وإنما يلزم نذر التبرر، وسنذكره في بابه، وهذا قول عمر، وابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وحفصة، وزينب بنت أبي سلمة، وبه قال عطاء، وطاوس، وعكرمة، والقاسم، والحسن، وجابر بن زيد، والنخعي، وقتادة، وعبد الله بن شريك، والشافعي، والعنبري، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن المنذر. انتهى.

وعلى هذا؛ فقد أجزأتك كفارة اليمين، وسقط نذرك، ولا يلزمك الصدقة بالمال المذكور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني