الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من اعتداد المتوفى عنها زوجها قبل الدخول

السؤال

سمعت من شيخ أن المتوفى عنها زوجها يجب أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام وإن لم يدخل بها، فهل توجد حكمة خفية في هذا الأمر؟ أم هو أمر فرضه الله على عباده لحكمة لا يعلمها إلا هو جل وعلا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أنّ شرع الله كله حكمة، ورحمة، لكن على المؤمن أن يتلقى أمر الله عز وجل بالتسليم، والقبول، سواء علم الحكمة منه أم لم يعلمها، ولا مانع بعد ذلك من التطلع لمعرفة الحكمة ليزداد القلب إيمانًا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 63764.

وبخصوص عدة المتوفى عنها زوجها قبل الدخول: فهي كعدة المدخول بها، أربعة أشهر وعشر.

ومن الحكمة في إيجاب هذه العدة ـ والله أعلم ـ رعاية حقّ الزوج، والتأكيد على مكانة عقد النكاح، وما له من حرمة، قال ابن القيم -رحمه الله-: وَأَمَّا عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَتَجِبُ بِالْمَوْتِ، سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَاتِّفَاقُ النَّاسِ، فَإِنَّ الْمَوْتَ لَمَّا كَانَ انْتِهَاءَ الْعَقْدِ، وَانْقِضَاءَهُ اسْتَقَرَّتْ بِهِ الْأَحْكَامُ: مِنْ التَّوَارُثِ، وَاسْتِحْقَاقِ الْمَهْرِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِالْعِدَّةِ هَا هُنَا مُجَرَّدَ اسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ، كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، لِوُجُوبِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلِحُصُولِ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِاسْتِوَاءِ الصَّغِيرَةِ، وَالْآيِسَةِ، وَذَوَاتِ الْقُرُوءِ فِي مُدَّتِهَا، فَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ قَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ، لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، وَهَذَا بَاطِلٌ لِوُجُوهٍ:

مِنْهَا: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ حُكْمٌ وَاحِدٌ إلَّا وَلَهُ مَعْنًى، وَحِكْمَةٌ، يَعْقِلُهُ مَنْ عَقَلَهُ، وَيَخْفَى عَلَى مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْعِدَدَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ، وَالْعَاقِلَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، وَالْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ، وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ.

وَمِنْهَا: أَنَّ رِعَايَةَ حَقِّ الزَّوْجَيْنِ، وَالْوَلَدِ، وَالزَّوْجِ الثَّانِي ظَاهِرٌ فِيهَا.

فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: هِيَ حَرِيمٌ لِانْقِضَاءِ النِّكَاحِ لَمَّا كَمُلَ؛ وَلِهَذَا تَجِدُ فِيهَا رِعَايَةً لِحَقِّ الزَّوْجِ، وَحُرْمَةً لَهُ...

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني