الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك الرمي لعذر، وعدم طواف الوداع لمن حاضت

السؤال

الحمد لله: أنعم الله علي هذا العام بالحج، وفي وقت رمي الجمار كنت قد نويت أن أكون من المتأخرين، لكن الحملة قامت بحجز تذكرة العودة في مساء يوم الثالث عشر، وكان علي أن أخرج من منى الساعة العاشرة صباحا في اليوم الثالث عشر، فاختلفت الآراء في حكمي، لذلك قمت بالمبيت في يوم 13 لكنني لم أتمكن من رمي الجمرات لهذا اليوم، إلا أنني قمت بطواف الوداع في ظهر يوم 13 ولم تتمكن زوجتي من الطواف بسبب العذر الشرعي لها، فقمت بالذبح عني وعن زوجتي، لعدم رميي للجمرات قبل الخروج من مكة، فهل صحيح ما قمت به؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد كان بإمكانكما التعجُّل وإن كنتما قبل ذلك قد نويتما التأخر، كما قال تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة:203}.

لكن كان يلزمكما الخروجُ قبل مغيب شمس اليوم الثاني عشر، ثم ما دمتما لم تخرجا قبل الغروب، ووجب عليكما المبيت والرمي، وبِتُّما وتركتما الرميَ لعذر خوف فوات الطائرة، فلا إثم بترك الرمي ـ إن شاء الله ـ والواجب على كل منكما دمٌّ عن ترك رمي ذلك اليوم، كما فعلتما، فقد أحسنتما في ذبح شاةٍ عن كلٍّ منكما، جاء في الموسوعة الفقهية: يلزم مَن ترك الرميَ بغير عذر الإثمُ ووجوبُ الدم، وإن تركه بعذر.. لا يأثم، لكن لا يسقط الدم عنه. اهـ.

ولا شيء على زوجتك في تركها طواف الوداع، لأن الحيض يُسقط عنها طواف الوداع، لما جاء في الصحيحين، من حديث ابن عباس: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ.

وفيهما أيضاً من حديث عائشة: أن صفية قالت للنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ما أُراني إلا حابِسَتَكم، قال: عَقْرَى حَلْقَى، أو ما كنت طفت يوم النحر؟ قالت: بلى، قال: لا بأس، انفري.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: معناه أن صفية أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ حاضت قبل طواف الوداع، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى المدينة قالت: ما أظنني إلا حابستكم لانتظار طهري وطوافي للوداع، فإني لم أطف للوداع وقد حضت ولا يمكنني الطواف الآن، وظنت أن طواف الوداع لا يسقط عن الحائض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما كنت طفت طواف الإفاضة يوم النحر؟ قالت: بلى، قال: يكفيك ذلك، لأنه هو الطواف الذي هو ركن، ولا بد لكل أحد منه، وأما طواف الوداع: فلا يجب على الحائض. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني