الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مآلات الحب العاطفي بين الشاب والفتاة، والمخرج الشرعي

السؤال

بارك الله فيكم على هذا الموقع الرائع، واهتمامكم بشؤون المسلمين.
أنا شاب في 21 من عمري، أدرس في الجامعة، وقد كنت أتجنب البنات بقدر ما أمكن، ولكن العام الماضي كانت هناك فتاة معجبة بي، وكانت تتقرب إلي شيئا فشيئا؛ حتى أخبرتني إحدى صديقاتها بأنها تحبني جدا، ولكني لم أكن أريد أي علاقة حرام، فلم آبه لكلامها، ولكنها ظلت تخبرني بذلك، حتى أعطيتها رقم هاتفي، في يوم من الأيام، في لحظة ضعف، وبدأنا نتحدث بالكلام المعسول، وكلام الحب؛ فزاد تعلقها بي جدا، لدرجة الجنون. ولكن قلبي كان ضيقا جدا؛ لأني أعلم أنها علاقة غير شرعية لا يرضاها الله تعالى، فقمت بعمل بحث، وقمت بجلب أدلة من القرآن، والسنة على أنها علاقة حرام، وقمت بإعطائها تلك الأوراق، وعزمت على أني لن أكلمها مرة أخرى، لكن دون جدوى، فلما أراها حزينة، أشفق عليها، وأعود مرة أخرى.
وفي رمضان عزمت على قطع العلاقة، فأخبرتها بأني لا أستطيع إكمال ما نحن فيه؛ لأنها علاقة حرام، ومرت الأيام والتقينا بعد كشف نقاط البكالوريا، فرأيتها حزينة جدا، ثم أتت إلي وأخبرتني بأنها تريد أن تكلمني، ثم لم تكلمني بشيء، قالت لي سأكلمك لاحقا؛ فضاق صدري، فذهبت، وأخبرت أمي أن هناك فتاة معجبة بي، وتريد الارتباط بي، فتفاجأت بأنها قالت لي أعطها رقم هاتفك، وتكلم معها، فلم يكن مني إلا أن كلمتها مرة أخرى، وانطلقت شرارة العلاقة من جديد، وأصبحت تأتي إلى منزلنا، ومرت الأيام حتى وصلنا إلى التقبيل، والأحضان (عفوا على هذا الكلام). فأنا أعلم بأنها علاقة حرام، ولكن تعلقها الشديد بي، دائما يكون العائق، فهي ترى أني أنا هو حياتها كلها، فلم أجد طريقة لأبتعد عنها.
فهل إخبار الأم يبيح التكلم معها أم لا؟ وهل يجب قطع العلاقة فورا أم الابتعاد عنها بالتدرج؟ وهل يمكن إكمال العلاقة، وإنهاؤها بالزواج؟
أنا خائف أن أكون قد ظلمتها بالتلاعب بمشاعرها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه العلاقات، بريد إلى الزنا، ووقوع الفواحش، فهي علاقة محرمة، يجب قطعها فورا، والمبادرة إلى التوبة، وراجع الفتوى رقم: 30003، ورقم: 5450.

وإخبارك لأمك بها، لا يبيح لك الاستمرار فيها، وكذلك الرغبة في الزواج لا تسوغها. ولا تلتفت إلى الخداع الشيطاني، حين يصور لك أنها حزينة جدا، وأنها في حاجة إلى عطفك عليها ونحو ذلك، فإنه بذلك يُرْدِيك، ويتبرأ منك حيث لا ينفع الندم، قال تعالى: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ {الحشر17:16}.

والزواج من أفضل ما يرشد إليه المتحابان، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

فإن كنت راغبا في الزواج منها، فاخطبها من أهلها، واعلم أنها تظل أجنبية عليك، حتى يعقد لك عليها العقد الشرعي.

قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: المخطوبة أجنبيةٌ من الخاطب، لا فرق بينها وبين من لم تكن خطيبة، حتى يعقد عليها.

وعلى هذا؛ فلا يجوز للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة، أو أن يتصل بها إلا بالقدر الذي أباحه الشرع ... ولا يحل، يقول بعض الخاطبين: إنني أحدثها من أجل أن أفهم عن حالها، وأفهمها عن حالي. فيقال: ما دمت قد أقدمت على الخطبة، فإنك لم تقدم إلا وقد عرفت الشيء الكثير من حالها، ولم تقبل هي إلا وقد عرفت الشيء الكثير عن حالك، فلا حاجة إلى المكالمة بالهاتف، والغالب أن المكالمة بالهاتف للخطيبة، لا تخلو من شهوةٍ، أو تمتع شهوة، يعني شهوة جنسية، أو تمتع، يعني تلذذ بمخاطبتها، أو مكالمتها، وهي لا تحل له الآن حتى يتمتع بمخاطبتها، أو يتلذذ. اهـ.

وإذا لم يتيسر لك الزواج منها، ففارقها، وإذا فارقتها وتأثرت بذلك، فلست ظالما لها، بل هي الظالمة لنفسها، حيث أتتك مطاوعة، وسعت في هذه العلاقة بمحض إرادتها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني