الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مَن رأت الصفرة بعد طهرها واغتسالها من الحيض

السؤال

أولًا: أعتذر لكم عن كثرة أسئلتي، ولكن ما بيدي حيلة، فهذه الوساوس لا تزال تؤرقني، إلى أن يشاء الله أن يرفعها عنّي، ثمّ إنني أرجو منكم ألا تحيلوني على فتوى أخرى، بل تجيبوني بالتفصيل - جعلها الله في ميزان حسناتكم، وثبّتكم على صِراطه المستقيم-.
أنا بالعادة دورتي 7 أيام، وفي ما مضى كنت أنتظر حتى اليوم الثامن، وأغتسل، وذلك بعد رؤية الجفاف، دون التحقق بخرقة -لجهلي-، ولكني الآن -ولله الحمد، والمنّة- صرتُ أفهم تعاليم ديني، وأحاول أن أطبقها قدر المُستطاع.
مشكلتي تكمن في الإفرازات بعد الطّهر؛ فأنا أتحقق مثلًا في فجر اليوم السابع، فلا أجد شيئًا، ثم أنتظر حتى قبيل العصر، فلا أجد شيئًا، ثمّ أغتسل، وأصلي الصلوات الثلاث، ولكن بعد هذا الطهر أتتني إفرازات بيضاء قليلة جدًّا تميل للصفرة، وفي اليوم الثامن لم أتمكن من رؤيتها جيدًا على ملابسي، ولكنها بضع نقاط لم أميز لونها، إلا أنها بعيدة كل البعد عن لون الدم، ثم بعدها أصبحت تأتيني إفرازات لزجة صفراء قاتمة، فسألت عنها من حولي، فمنهم من قال لي: أمسكي عن الصلاة، ومنهم من قال: لا تعديها شيئًا، وصرت في دوامة بين البحث في الفتاوى وبين قول هؤلاء، وبعد التفكير أمسكت عن الصلاة وقت العصر، وتحققت الطهر كل وقت صلاة، فأحيانًا أجد في وقت كل صلاة، وأحيانًا لا، وبقيت على نفس اللون، إلا أنها قليلة جدًّا، وهي مخاطية الشكل، وفي اليوم التاسع عند التحري لم أجد شيئًا، فاغتسلت، وصليت، لكن عند وقت الظهر وجدت نفس الإفرازات، وبعضها ظهر لي أن لونها أبيض، وهي قليلة جدًّا، وأظن أني كنت أراها أيام طهري، فلم أصل الظهر والعصر، وأنا في قلق شديد، وحين قرُب وقت المغرب لم أنتبه له، ونسيت أن أفتش، واضطربت جدًّا، ولجأت للبحث في الفتاوى، ولا زلت على تلك الحال حتى خرج وقت الصلاة -دون تعمد- مني، فصليته دون إعادة الغسل.
وأنا أصلي الآن، واعتبرتها من الإفرازات العادية، وقررت عدم التفتيش عنها أبدًا لأمرين: لأنني موسوسة، ولأنني أشك في أنها استحاضة؛ لأنها لم تأخذ أحكامها، ولأنها تتكرر من وقت لآخر ليس كل الوقت.
والأمر الثاني: عند بدء الصلاة لا أحس بخوف بأنني لست على طهارة في حالتي هذه بعد هذا العناء، ولكن عند التفكير بمس المصحف، أشعر بخوف، وقلق، فهل هذا يعد من النفاق؟
وكذلك أعاني من هذه الإفرازات، وغيرها يوميًّا، فلا يكاد يخلو المحل منها، فهل عليّ التفتيش عنها كل صباح؛ خوفًا من اشتباهها بالمنيّ؟
أرجو أن تجيبوني عن أسئلتي بالتفصيل؛ لأنني قلقة جدًّا من أمري، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فدعي عنك الوساوس، ولا تبالي بها، ولا تعيريها اهتمامًا؛ فإنه لا علاج للوساوس أمثل من الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، وانظري الفتوى رقم: 51601.

وإذا رأيت الطهر بإحدى علامتيه -الجفوف، أو القصة البيضاء- فاغتسلي، وصلي، ولا تبالي بما ترينه بعد انقضاء عادتك من صفرة، ولا تعديه حيضًا، وانظري الفتوى رقم: 134502.

فإذا رأيت هذه الصفرة بعد انقضاء العادة، وبعد طهرك واغتسالك من الحيض، فيكفيك أن تستنجي منها، وتتوضئي للصلاة، وإذا استمر نزولها جميع وقت الصلاة، فافعلي ما يفعله صاحب السلس من التحفظ، والوضوء لكل صلاة، وانظري الفتوى رقم: 178713.

وأما الإفرازات البيضاء العادية -وهي: رطوبات الفرج-: فهي طاهرة على الراجح، ومن ثم؛ فلا يلزم الاستنجاء منها، وانظري الفتوى رقم: 110928.

وإذا تبين لك هذا؛ فعليك أن تطرحي الوساوس، ولا تكلفي نفسك فوق طاقتها، وصلي، وصلاتك صحيحة -إن شاء الله-، ولك أن تمسي المصحف، وتفعلي سائر ما تفعله الطاهرات دون قلق، أو همّ، ولا يلزمك التفتيش عن تلك الإفرازات، ولكن إذا رأيتها فتوضئي منها، وإن كانت نجسة فاستنجي، وتوضئي، وصلي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني