الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصلاة خلف المسبل ثوبه

السؤال

تركت صلاة المغرب عمدا؛ لأن الإمام كان مسبلا ثوبه، ظنا مني بأن الصلاة لا تجوز خلف الإمام المسبل، ولم أستطع أن أصليها في نفس الوقت؛ لأني كنت في صالة أفراح.
فماذا علي فعله الآن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأول ما عليك فعله الآن، هو التوبة إلى الله من ذلك الذنب العظيم، بالندم، والعزم على عدم العود إليه؛ فإنك قد تركت الصلاة حتى خرج وقتها بلا عذرٍ، قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}، وهذه الآية جاءت في سياق الكلام على صلاة الخوف، فشرع الله للأمَّة صلاة الخوف، وأسقط عند شدة الخوف كثيراً من شروطها وأركانها، كاستقبال القبلة، والقيام، وتمام الركوع والسجود، رعايةً لحرمة وقت الصلاة، حتى لا يخرجها المسلم عن وقتها،عالماً ذاكراً ولو كان في حربٍ، فكيف بمن هو آمنٌ في سِربه؟!! وكونك في صالة أفراح، ليس عذراً يبيح لك إخراج الصلاة عن وقتها، وعليك -مع التوبة الصادقة الخالصة- أن تصليها قضاءً.

وهذه المعصية التي وقعت فيها بسبب تركك الصلاة خلف هذا المسبل، هي أشد من إسباله؛ ولهذا اختلف أهل العلم في كفر من أخَّر الصلاة عامداً عالماً حتى خرج وقتها، ولم يقل أحدٌ منهم بكفر من أسبل ثوبه ولو لخيلاء.

وصلاة المسبل صحيحة لنفسه مع الكراهة، والحديث الوارد في عدم قبول صلاته لا يصح، وعلى فرض صحته، فهو محمول على حبوط الأجر والفضل، لا على عدم الصحة والإجزاء، كما بيناه في الفتوى رقم: 7445.

أما الصلاة خلف المسبل ثوبه، فصحيحةٌ، مع كونها مكروهةً، أو خلافَ الأولى عند إمكان الصلاة خلف غيره، وقد صلى الصحابة خلف من هو شرٌّ من المسبل بمراتب.

قال النووي في المجموع: وأما صلاة ابن عمر خلف الحجاج بن يوسف، فثابتة في صحيح البخاري وغيره، وفي الصحيح أحاديثُ كثيرة تدل على صحة الصلاة وراء الفساق، والأئمة الجائرين، قال أصحابنا: الصلاة وراء الفاسق صحيحة، ليست محرمة، لكنها مكروهة، وكذا تكره وراءه المبتدع الذي لا يكفر ببدعته، وتصح. فإن كفر ببدعته، فقد قدمنا أنه لا تصح الصلاة وراءه كسائر الكفار، ونص الشافعي في المختصر، على كراهة الصلاة خلف الفاسق والمبتدع، فإنْ فَعَلَها صحَّت... وذهب جمهور العلماء إلى صحتها. اهـ.

وراجع الفتوى رقم: 293191، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني