الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انشغال الموسوس بالحكم على الآخرين وما يفضي بهم للكفر يزيده وسوسة

السؤال

سأخبركم بعدة أمور، وأخبروني هل تؤدي إلى الكفر أم لا؟
- من يقول إنه يفضل سماع الموسيقى على سماع القرآن.
- من يصلي الصلاة ليرتاح منها.
- من أصيب بوسواس الخوف من الكفر، وكلما قرأ قوله تعالى يشعر -والعياذ بالله- ببغض هذه الآية، لكنه يخاف أن يعذبه الله بسبب هذا البغض، لكنه لا يستطيع التحكم في شعوره أثناء قراءته لهذه الآية.
ومن يقول عند سماعه لآية من القرآن: لو قالها أحد البشر لما صدقتها، ولكن بما أن الله هو الذي قالها فأنا أصدقها.
أرجوكم أجيبوني فأنا الآن أعاني من خوف شديد من الكفر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يحصل الكفر بشيء مما ذكرت ما دام الحامل عليها هو الوسوسة، وقد نصحناك مرات بالإعراض عن الوسوسة؛ فجاهدي نفسك بصرف ذهنك كليًّا عن التفكير في هذه الأمور، واشتغلي بما يفيدكِ من التعلم، والدعوة إلى الله تعالى، وأعمال البرّ، وما تيسر من السعي في منفعة أهلك ومجتمعك.

وينبغي التنبه إلى أن الموسوس لا يسوغ أن يشتغل بأحكام الآخرين، وما يصدر منهم، وما يفضي بهم للكفر؛ فإن تفكيره في شأن الآخرين يزيد وساوسه، ويجعله يسيء الظن بالناس، أو يضللهم، فينبغي أن تشغلي النفس عن ذلك، وعدم الاسترسال مع الشيطان في تلاعبه بك، وأن تجاهديه، وتجاهدي نفسك بملء وقتك بالطاعات، ولا تكثري الانفراد بنفسك؛ فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة، هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع، وهو: الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها، وإلى شيطانها ... فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلم أن من حُرمه فقد حُرم الخير كله؛ لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقًا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال، والحيرة، ونكد العيش، وظلمة النفس وضجرها، إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر؛ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر: 6} ... وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته، فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأنه يقاتله فيكون له ثواب المجاهد؛ لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فرّ عنه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني