الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أفيدوني جزاكم الله خيرًا. أنا شاب أبلغ من العمر 27سنة، وزوجتي تبلغ 21سنة، وفكرت في الزواج والاستقرار؛ ولكي أُفرح أمي وأهلي، تقدمت لفتاة من أهلي، لكني لا أعرفها جيدًا، فكل ما كنت أعرفه أنها على قدر من الجمال، ولم أكن أراها إلا في العيد فقط، فلما قررت الزواج فكرت في الزواج منها -لعلها تكون سعادتي، وشريكة حياتي التي أتمناها- فتم الزواج بفضل من الله، ونحن متزوجان منذ سنة، لكنها لم تسكن معي لحد الآن، بسبب دراستها الجامعية، والتي تنتهي بعد شهور قليلة، لكننا نتبادل الزيارات، ونرى بعضنا كثيرًا، لكني خلال هذه السنة لم أشعر بالسعادة معها، فقد كانت المشاكل، والخلافات بيننا كثيرة، فقد أخبرتني قبل زواجنا، أنها كانت على علاقة مع شخص آخر لمدة خمس سنوات، لكن العلاقة مجرد كلام هاتفي، لا أكثر، ولم تحصل أشياء أخرى، وهي نادمة على ذلك، وكانت فترة مراهقة، فحزنت كثيرًا، وتقبلت الموضوع بعد فترة، وتزوجنا، واكتشفت في يوم من الأيام محادثة كتابية في هاتفها، بينها وبين صديقتها المقربة منها، وفيها بعض السب، والكلام غير اللائق؛ فغضبت منها كثيرًا، وقلت: أريد أن أطلقك، ولا أريد الاستمرار معك، لكنها تأسفت، وندمت على فعلتها، وبكت كثيرًا، وطلبت مني أن أسامحها، ففعلت، وسامحتها، ومع الوقت تحدث بيننا مشاكل كثيرة، فأنا رجل لا أحب الخطأ، وأحب المرأة التي تكون على قدر من الحياء، والستر، والدين، وتحترم زوجها، ونفسها، فهي غير محجبة، وأنا رجل غيور جدًّا، وهي تريد أن تعمل بعد تخرجها، وأنا لا أريدها أن تعمل في مكان مختلط بالرجال، وهي تحب وضع المكياج، و أنا لا أحب أن تضعه، وهي تحب أن تخرج مع صديقاتها للغداء مثلًا، وأنا لا أحب ذلك، وتحب لبس الثياب أثناء خروجنا، لكني دائمًا أريدها أن تلبس العباءة على أقل تقدير، حاولت تغييرها للأفضل، واستطعت تغيير بعض الأشياء البسيطة فيها بصعوبة، وصبر، لكني لا أشعر بأنها زوجة مناسبة لي، وأني تسرعت في زواجي منها، فمشاكلنا كثيرة، فهي لا تحترمني حينما لا يعجبها كلامي، وسبق أن شتمتني، وأيضًا ضربتي مرة من المرات، فأنا أفكر الآن في تطليقها؛ لأني لا أراها مناسبةً لي أبداً، ولا أرى راحتي وسعادتي معها، فقد نفد صبري، وحاولت كثيرًا لكن بلا جدوى، فهل عليّ إثم إن طلقتها؟ علمًا أني جامعتها، وفقدت عذريتها، وهل يعتبر ذلك ظلمًا لها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فلا حرج عليك في طلاق تلك المرأة، ولا تكون ظالمًا لها، فالطلاق إذا كان لحاجة، فهو مباح، قال ابن قدامة -رحمه الله- -عند كلامه على أقسام الطلاق-: والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه؛ لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، والتضرر بها من غير حصول الغرض بها. المغني.

لكن الأولى ألا تتعجل في طلاقها، وأن تصبر عليها، وتسعى في استصلاحها.

والواجب عليك إلزامها بالواجبات، ومنعها من المنكرات حسب استطاعتك، بمقتضى القوامة التي جعلها الله للرجل على امرأته، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ {النساء:34 }.

قال السعدي -رحمه الله-: قوامون عليهن، بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. تفسير السعدي.

ولا يجوز لها أن تخرج من بيتك لعمل، أو غيره -دون ضرورة- إلا بإذنك، وإذا أنت لها في الخروج، فلا تخرج إلا متسترة بالحجاب الشرعي، وإذا أذنت لها في العمل، فلا يكون في مكان تختلط فيه اختلاطًا مريبًا بالرجال.

فإن لم تطعك في المعروف، أو تطاولت عليك، فاسلك معها سبل الإصلاح بالتدرج، فتبدأ بالوعظ، فإن لم يفد، فالهجر في المضطجع، فإن لم يفد، فالضرب غير المبرح، فإن لم يفد، فالطلاق آخر العلاج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني