الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتاب (حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق) في الميزان

السؤال

وجدت بأحد المنتديات هذه العبارات:
"يحكي عمر بن سعيد الفوتي في كتابه (رماح حزب الرحيم) في الفصل التاسع والثلاثين، عن الإمام سفيان الثوري -رضي الله عنه وأرضاه- أنه كان يطوف حول الكعبة -ونحن نعرف أن العبادة حول الكعبة في الطواف هي الذكر والدعاء والاستغفار- فوجد رجلًا لا يرفع قدمًا ولا يضعها إلا بالصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأله، وقال له: يا رجل، إن هذا وقت الذكر والدعاء والاستغفار، فلم أراك تشتغل عن ذلك بالصلاة على رسول الله؟ فقال له: من أنت؟ قال له: أنا سفيان الثوري -وقد كان عالم العراق المشهور-. فقال له: لولا أنك سفيان الثوري لما أخبرتك، اجلس بجواري، وسأقص عليك قصتي, فتنحى جانبًا، وقال له: لقد عزمنا على الحج هذا العام أنا وأبي، وبينما نحن في الطريق جاءه الموت، فلما مات نظرت إلي وجهه فوجدته مسودًّا، فغطيت وجهه، ثم جلست حزينًا كئيبًا مهمومًا، فأخذتني سِنة من النوم، فرأيت رجلًا شديد بياض الثياب، شديد بياض الوجه، وقد أقبل حتى وقف على رأس أبي، ثم كشف وجهه، ومرّ بيده عليه فابيض وجهه، وصار كالقمر، وكان معه رقعة صغيرة وضعها بجواره، فقلت له: من أنت؟ ومن الذي أتى بك إلى أبي في هذه الساعة؟ فقال: أما تعرفني؟ أنا محمد رسول الله، وهذه الورقة فيها الصلوات التي كان أبوك يصلي بها عليَّ، فلما حضره ما رأيت، استغاث بي، فجئت لإغاثته. قال: فانتبهت من نومي، فكشفت الغطاء عن وجه أبي فوجدته قد ابيضَّ، فذلك الذي جعلني لا أرفع قدمًا ولا أضعها إلا بالصلاة على رسول -صلى الله عليه وسلم-".
فما قولكم فيها؟ وفي عمر بن سعيد الفوتي وكتابه (رماح حزب الرحيم)؟
كان مكتوبًا تحت العبارات: منقول من كتاب (حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق)، فما رأيكم بالكتاب؟ وبصاحبه فوزي محمد أبو زيد؟ وهل هو من أهل السنة والجماعة أم لا؟ لأني وجدت تحذيرات منه، ومن كتبه.
أتمنى منكم الإجابة على سؤالي للضرورة القصوى، وجزاكم الله عنّا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا لم نطلع بعد البحث على من ذكر قصة الثوري في شيء من كتب أهل العلم المعتبرين، وعلى فرض أنها وقعت فعلًا؛ فإن الرؤى ليست مصدرًا لتلقي الأحكام، ولا يثبت بها ما يخالف الشرع؛ فقد نقل النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض في الاحتجاج بما يراه النائم في منامه قوله: أنه لا يبطل بسببه -أي المنام- سنة ثبتت، ولا يثبت به سنة لم تثبت، وهذا بإجماع العلماء. انتهى.

وقد جاء في هذه الرؤيا مما يرده الشرع: مسألة الاستغاثة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي محرمة شرعًا؛ لما في الحديث: إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله. رواه الطبراني، وصححه الألباني.

وفي الحديث: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الترمذي.

وأما كتاب (حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق): فقد حذر منه أهل العلم، وممن حذر منه الشيخ/ المنجد حيث قال: "وهذا الكتاب من كتب أهل البدعة، يجب التحذير منه، والنهي عن مطالعته، ويمكن إجمال مواضع الزلل في هذا الكتاب في عدة نقاط، منها:

- ينقل فيه صاحبه عن أئمة الضلالة؛ كابن الفارض، وابن عربي، وأبي العزائم، وعلي وفا، وغيرهم.

- يذكر الحكايات الباطلة السمجة التي لا تروج إلا على ضعفاء العقول، منها ما حكاه عن بعضهم قال: عزمنا على الحج هذا العام أنا وأبي، ... ". وذكر القصة. ثم قال: "وفي هذا الكذب ترويج للشرك، وطلب الاستغاثة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من دون الله، والاستغاثة بالأموات من الشرك بالله ...". اهـ.
وأما الفوتي: فهو من طائفة التيجانية المعروفة بالابتداع، وقد ألف كتابه الرماح في الرد عنها، وقد سبق لنا التعريف بهذه الفرقة والإحالة على بعض المراجع التي تبين حقيقتها، فراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 139109، 22508، 27055.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني